وقوله : (وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ) قد ذكرناه فيما تقدم.
وقوله : (وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ) هذه الآية والآيتان من بعدها ـ قوله : (وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا) ، وقوله : (وَلكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ) ، على المعتزلة. لأنه أخبر أنه لو شاء ألا يقتتلوا ما اقتتلوا. وهم يقولون : شاء ألا يقتتلوا ، ولكن اقتتلوا. والاقتتال هو فعل اثنين ، وفيهم من اقتتل ظالما ، وفيهم من اقتتل غير ظالم ، دليله قوله : (وَلكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ) ، ثم قال : (وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا) ، أخبر أنه لو شاء ألا يقتتلوا ما اقتتلوا وأخبر أنه يفعل ما يريد ثبت الفعل فى الإرادة وهم يقولون لا يفعل ما يريد.
وكذلك قوله (وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا) أخبر أنه لو شاء ما اختلفوا وهم يقولون : شاء ألا يختلفوا ولكن اختلفوا ثم لا يجوز صرف الآية إلى مشيئة القسر والجبر ؛ لأن المشيئة التى ذكرها الله تعالى معروفة فى الناس فلا يجوز صرفها إلى غير المشيئة المعروفة إلا بعد تقدم ذكر أو بيان أنها هى المرادة وقوله : (مَا اقْتَتَلُوا) ولا اختلفوا فجعلهم على أمر واحد ودين واحد كقوله : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً) [هود : ١١٨] والمعتزلة يقولون : شاء أن يصيروا أمة واحدة ولكن لم يصيروا فنعوذ بالله من السرف فى القول والقول فى الله بما لا يليق به.
وقوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ) يحتمل الأمر بالإنفاق ، أمر بتقديم الطاعات والمسارعة إلى الخيرات قبل أن يأتى يوم يمنعه ويعجزه عن ذلك وهو الموت.
ويحتمل أمره بالإنفاق من الأموال فى طاعة الله من قبل أن يأتى يوم ، وهو يوم القيامة (لا بَيْعٌ فِيهِ) قيل : لا فداء ، و (وَلا خُلَّةٌ ، وَلا شَفاعَةٌ).
يحتمل قوله : (وَلا خُلَّةٌ) أى لا ينفع خليل خليله كما ينفع فى الدنيا وكذلك لا شفيع تنفع شفاعته كما تنفع فى الدنيا.
ويحتمل : (وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ) ، أى : لا ينفع أحد أحدا ، ولا يخال أحد أحدا ، ولا يشفع أحد أحدا.
ويحتمل : (يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ) ، أنهم يملكون بيع أنفسهم من الله تعالى ما داموا أحياء ، فإذا ماتوا لم يملكوا ، كقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) [التوبة : ١١١]. فأول الآية وإن خرج الخطاب للمؤمنين فالوصف فيها وصف الكافرين ، لكن فيها زجر للمؤمنين مثل صنيع الكفار.
وقوله تعالى : (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) قيل : الله هو اسم المعبود ، وكذلك تسمى العرب