وقوله تعالى : (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ).
قيل : (الْحِكْمَةَ) فى هذا الموضع معرفة القرآن وتفسيره. وهو قول ابن عباس (١) ـ رضى الله تعالى عنه ـ وكذا روى مرفوعا (٢).
وقيل (٣) : (الْحِكْمَةَ) الفهم فى القرآن.
وقيل (٤) : الفقه.
وقيل (٥) : (الْحِكْمَةَ) النبوة.
وقيل (٦) : (الْحِكْمَةَ) هى الإصابة. وفيه دليل جواز الاجتهاد ، وأنه مصيب فى اجتهاده.
قال الشيخ ـ رحمهالله تعالى ـ فى قوله : (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ) : اختلف فى تأويل (الْحِكْمَةَ) فى هذا :
قال قوم (٧) : (الْحِكْمَةَ) هى القرآن ، وهو على ما وصفه (نُورٍأَ) [الأنعام : ٩١] و (هُدىً) [الأنعام : ٩١] ، و (رُوحاً) [الشورى : ٥٢] ، و (وَشِفاءٌ) [يونس : ٥٧] والنور : هو الذى يبصر به حقائق الأشياء ، وبالهدى يدرك كل شىء ويتقى كل تلف ، وبالروح يحيى كل ذى روح ، وبالشفاء يبرأ كل سقيم ويزال كل آفة. والذى هذا وصفه فهو الخير.
وبالله التوفيق.
وقال قوم (٨) : (الْحِكْمَةَ) هى الإصابة لحقيقة كل شىء ، وبها يتقى كل شر ، وينال كل خير ، وذلك هو الخير الكثير ، وبالله العصمة.
وقال بعضهم : (الْحِكْمَةَ) ، هى السنة ، كأنه أكرم رسوله صلىاللهعليهوسلم بالذى من سلكه نجا ،
__________________
(١) أخرجه ابن جرير (٦١٧٦) ، وابن المنذر وابن أبى حاتم والنحاس فى ناسخه كما فى الدر المنثور (١ / ٦١٦).
(٢) أخرجه ابن مردويه من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس كما فى الدر المنثور (١ / ٦١٦).
(٣) قاله أبو العالية وإبراهيم ، أخرجه ابن جرير عنهما (٦١٧٩ ، ٦١٨٨) ، وانظر الدر المنثور (١ / ٦١٦).
(٤) قاله قتادة ، أخرجه ابن جرير عنه (٦١٧٧ ، ٦١٧٨) ، وعن مجاهد (٦١٨٠) ، وعن ابن عباس (٦١٨١).
(٥) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن المنذر عنه كما فى الدر المنثور (١ / ٦١٦) ، وعن السدى أخرجه ابن جرير (٦١٩٠).
(٦) قاله مجاهد ، أخرجه ابن جرير عنه (٦١٨٢ ، ٦١٨٣ ، ٦١٨٤).
(٧) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن الضرير عنه كما فى الدر المنثور (١ / ٦١٦).
(٨) قاله مجاهد ، أخرجه عبد بن حميد عنه كما فى الدر المنثور (١ / ٦١٦).