وقيل (١) : نزلت فى على بن أبى طالب ـ رضى الله تعالى عنه ـ أنه لم يكن يملك من المال غير أربعة دراهم ، وتصدق بدرهم ليلا ، وبدرهم نهارا ، وبدرهم سرّا ، وبدرهم علانية ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما الذى حملك على هذا؟» قال : حملنى أن أستوجب على الله الذى وعدنى ؛ فنزلت فيه هذه الآية.
وقيل : نزلت فى ثابت بن قيس بن شماس الأنصارى (٢).
فلا ندرى فيمن نزلت ، وليس لنا إلى معرفة المنزل [فى] شأنه حاجة سوى أنه وصفهم بالجود والسخاء ، ونفقتهم على الناس ليلا ونهارا سرّا وعلانية ، لا رياء فيها ، ولا منّ ، ولا أذى.
وفيه نفى الرياء عن نفقتهم ؛ لأن من عود نفسه الفعل فى جميع الأوقات لم يراء.
وقوله تعالى : (وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) ؛ لأن نعيم الدنيا مشوب بالحزن والخوف ، فأخبر عزوجل أن نعيم الآخرة لا يشوبه حزن ولا خوف ؛ لذلك كان ما ذكر. والله تعالى أعلم.
قوله تعالى : (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلاَّ كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ وَمَنْ عادَ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٧٥) يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (٢٧٦) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٧٧) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٧٨) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ (٢٧٩) وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ
__________________
ـ بدرا والمشاهد. وهو أحد العشرة ، وهاجر الهجرتين. وأحد الستة وروى عنه بنوه إبراهيم وحميد وأبو سلمة ومصعب وغيرهم. قال الزهرى : تصدق على عهد النبى صلىاللهعليهوسلم بأربعة آلاف ثم بأربعين ، ثم حمل على خمسمائة فرس ، ثم على خمسمائة راحلة. وأوصى لنساء النبى صلىاللهعليهوسلم بحديقة قومت بأربعمائة ألف. قال خليفة مات سنة اثنتين وثلاثين ، وقيل سنة ثلاث ، ودفن بالبقيع. وزاد بعضهم وهو ابن خمس وسبعين سنة. ينظر الخلاصة (٢ / ١٤٧) (٤٢٠٩).
(١) أخرجه عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبى حاتم والطبرانى وابن عساكر عن ابن عباس كما فى الدر المنثور (١ / ٦٤٢).
(٢) هو : ثابت بن قيس بن شماس الأنصارى الخزرجى الخطيب من كبار الصحابة وصح فى مسلم أنه من أهل الجنة. انفرد له البخارى بحديث. وعنه ابنه إسماعيل ومحمد بن قيس وأنس. شهد أحدا وما بعدها ، وقتل يوم اليمامة ونفذت وصيته بعد موته بمنام رآه خالد بن الوليد. له عند البخارى حديث واحد. ينظر الخلاصة (١ / ١٥٠) (٩٢٧).