ويحتمل : المنفقين المؤدين حقوق بعضهم بعضا من حق القرابة والصلة.
(وَالْقانِتِينَ). قيل : القانت : الخاضع (١).
وقيل : القانت : المطيع (٢).
وقيل : الخاشع (٣) ، وكله يرجع إلى واحد ، وأصله : القيام ، وكل من قام لآخر كان مطيعا وخاشعا وخاضعا ومقرا.
وقيل : القانت : المقرّ (٤) كقوله : (كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ) [البقرة : ١١٦] ، أي : مقرون.
وقال قتادة (٥) : (الصَّابِرِينَ) : الذين صبروا على طاعة الله ، وصبروا عن محارمه. (وَالصَّادِقِينَ) : الذين صدقت نياتهم ، واستقامت قلوبهم وألسنتهم ، وصدقوا في السّر والعلانية (وَالْقانِتِينَ) : المطيعين. (وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ ، وَالْمُنْفِقِينَ) : يعني : نفقة أموالهم في سبيل الله (٦)
(وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ) : قيل : المصلين بالأسحار (٧).
وقيل : المصلين في أوّل الليل ، والمستغفرين في آخره (٨).
وأصل الاستغفار : طلب المغفرة مما ارتكب من المآثم ، على ندامة القلب ، والعزيمة على ترك العود إلى مثله أبدا ، ليس كقول الناس : نستغفر الله ، على غير ندامة القلب ، وأصل الاستغفار في الحقيقة : طلب المغفرة بأسبابها ، ليس أن يقول بلسانه : اغفر لي ؛ كقول نوح [عليهالسلام](٩) : لقومه : (اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ) [نوح : ١٠] أمرهم بالتوحيد ، ثم أخبر ـ عزوجل ـ أن الجنة هي للصابرين والصادقين إلى آخر ما ذكرنا ، والله أعلم.
__________________
(١) راجع الدر المنثور للسيوطي (١ / ٥٤٤).
(٢) قاله سعيد بن جبير ، أخرجه عنه ابن أبي حاتم (٢ / ١٤٣) ، رقم (٢٣٦) ، وقاله أيضا قتادة ، أخرجه عنه الطبري (٦ / ٢٦٤) ، رقم (٦٧٥٢).
(٣) الدر المنثور (١ / ٥٤٤) ، (٢ / ٢٠).
(٤) قاله ابن عباس ، أخرجه الطستى في مسائله عنه. كما في الدر المنثور (١ / ٢٠٨).
(٥) هو قتادة بن دعامة السدوسي ، أبو الخطاب البصري ، أحد الأئمة الأعلام ، روى عن أنس وسعيد بن المسيب ، ومحمد بن سيرين ، وغيرهم ، وروى عنه أيوب وحميد وحسين المعلم ، قيل : قتادة أحفظ الناس. توفي سنة ١١٧ ه.
راجع ترجمته في : تقريب التهذيب (ترجمة : ٥٥٥٣) ، تهذيب الكمال (٦ / ٩٩) ، خلاصة الخزرجي (٢ / ٣٥٠) ، سير أعلام النبلاء (٥ / ٢٦٩) رقم (١٣٢).
(٦) أخرجه الطبري (٦ / ٢٦٤ ، ٢٦٥) ، رقم (٦٧٥٢) ، وعبد بن حميد كما في الدر المنثور (٢ / ٢٠).
(٧) قاله قتادة أخرجه عنه الطبري (٦ / ٢٦٥) ، رقم (٦٧٥٤).
(٨) قال نحوه جعفر بن محمد أخرجه عنه الطبري (٦ / ٢٦٦) ، رقم (٦٧٥٨).
(٩) سقط من ب.