[الممتحنة : ١] ؛ وكقوله : (لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ) [المائدة : ٥١].
وقوله : (إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً) : اختلف فيه : قيل : إلا أن يكون بينكم وبينهم قرابة ورحم ؛ فتصلون أرحامهم من غير أن تتولوهم في دينهم (١) ، على ما جاء عن علي ـ [رضي الله عنه](٢) ـ أنه قال لرسول الله صلىاللهعليهوسلم لما مات أبوه أبو طالب ـ : «إنّ عمّك الضّالّ توفيّ» ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «اذهب فواره» (٣).
ويحتمل قوله : (إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا) على أنفسكم (مِنْهُمْ تُقاةً) ، إلا أن تخافوا منهم فتظهروا لهم ذلك مخافة الهلاك ، وقلوبكم على غير ذلك (٤).
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ : «التّقيّة : التّكلّم باللّسان ، وقلبه مطمئنّ بالإيمان» (٥).
وقوله : (وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ) :
قيل : عقوبته (٦).
[وقيل : نقمته (٧) ؛ يقول الرجل لآخر : احذر فلانا ، إنما يريد نقمته وبوائقه (٨) ؛ فعلى
__________________
(١) أخرجه الطبري (٦ / ٣١٦) ، (٦٨٣٦ ، ٦٨٣٧) ، وابن أبي حاتم (٢ / ١٩٢) (٣٦٣) وعبد الرزاق في تفسيره (١ / ١١٨) عن قتادة. وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٢٩) وزاد نسبته إلى عبد بن حميد. وروى نحوه أيضا عن الحسن ، أخرجه الطبري (٦٨٣٨).
(٢) سقط من ب.
(٣) أخرجه أبو داود (٢ / ٢٣٢) كتاب الجنائز : باب الرجل يموت له قرابة مشرك حديث (٣٢١٤) ، والنسائي (١ / ١١٠) كتاب الطهارة : باب الغسل من مواراة المشرك ، وأحمد (١ / ٩٧ ، ١٣١) ، والطيالسي في مسنده (٢٣٢٧ ـ منحة المعبود) والبيهقي في «السنن الكبرى» (٣ / ٣٩٨) ، وفي «الدلائل» (٢ / ٣٤٩) من حديث علي ، وهو حديث صحيح.
(٤) وهذا ما رجحه الطبري في تفسيره (٦ / ٣١٥).
(٥) أخرجه الطبري (٦ / ٣١٥) (٦٨٣٥) ، وابن أبي حاتم (٢ / ١٨٩) (٣٥٦) من طريق العوفي عن ابن عباس. وأخرجه الحاكم (٢ / ٢٩١) من طريق ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس. وصححه ووافقه الذهبي ، وأخرجه الطبري (٦ / ٣١٤) (٦٨٢٩) من طريق ابن جريج عمن حدثه عن ابن عباس ، وأثر ابن عباس ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٢٩) وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٦) ذكره البغوي في «تفسيره» (١ / ٢٩٢) والقرطبي (٤ / ٣٨) ، ولم ينسبه لأحد. وذكره ابن عطية في «المحرر الوجيز» (١ / ٤٢٠) ونسبه لابن عباس والحسن.
وقال الثوري : من رأفته بكم تحذيره إياكم نفسه. أخرجه ابن أبي حاتم (٢ / ١٩٣) (٣٦٤) ومثله عن الحسن البصري ، أخرجه ابن أبي حاتم (٢ / ٢٠١) (٣٧٥).
(٧) يقال : نقمت الشيء ونقمته ـ بالفتح والكسر ـ : أي : كرهته ، والفتح أفصح ، وقيل : نقمته : أنكرته إما باللسان أو بالعقوبة ، والنقمة والانتقام : العقوبة بإنكار.
ينظر : عمدة الحفاظ (٤ / ٢٤٨ ، ٢٤٩).
(٨) البائقة : الداهية ، والبلية تنزل بالقوم ، ومنه الحديث : «لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه».
أخرجه أحمد (٢ / ٢٨٨) ، ومسلم (١ / ٦٨) ، كتاب الإيمان : باب بيان تحريم إيذاء الجار ، رقم ـ