ذنبه ، وأنه لم يكن (١).
(وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ) : قد ذكرناه (٢).
وقوله : (وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) :
إن أراد رأفة الآخرة ـ يعنى بالمؤمنين خاصّة ، وإن أراد رأفة الدنيا ـ فهو بالكل (٣).
قال الشيخ ـ رحمهالله ـ في قوله : (وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) : فالرحمة من الله ـ جلّ ثناؤه ـ والرأفة نوعان :
أحدهما : في حق الابتداء ، أن خلق خلقا ركب فيهم ما يميزون به بين مختلف الأمور ، ويجمعون بين المؤتلف ، ثم لم يأخذ كلا منهم بما استحق من العقوبة ؛ بل رحم وأمهل للتوبة والرجوع إليه ، وهذه الرحمة رحمة عامة لا يخلو عنها عبد. ورحمة في حق الجزاء ؛ من التجاوز والمغفرة وإيجاب الثواب للفعل ، فهذه لا ينالها أعداؤه ؛ لما يوجب التجهيل في التفريق بين الذي جعل في العقول التفريق ؛ ولما يكون وضع الإحسان في غير أهله ، والإكرام لمن لا يصرف الكرم (٤) به ؛ ولما في الحكمة تعذيبهم تخويفا وزجرا عما يختارون ، وينالها من تقرب واعتقد الموالاة ، وكان هو أعظم في قلوبهم وطاعته من جميع لذّات الدارين ، وإن كانوا يبلون بالمعاصي على الجهالة ، أو على رجاء الرحمة والعفو ؛ إذ هو كذلك في شرطهم الذي به والوه ، وبالغلبة ، والله أعلم ، فهي رحمة خاصّة ، أي : هي بالمؤمنين ، وبالعباد الذين بذلوا أنفسهم له بالعبودة بحق الاختيار ، وإن كانوا يغلبون على ذلك في أحوال ، والله الموفق (٥).
وقوله : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ) قيل : إن ناسا كانوا يقولون في عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إنا نحبّ الله حبّا شديدا ؛ فأنزل الله ـ عزوجل ـ هذه الآية ، وبين فيها لمحبته علما (٦).
__________________
(١) روي ذلك عن الحسن البصري ، أخرجه الطبري (٦ / ٣٢٠ ، ٣٢١) (٦٨٤٣) ، وابن أبي حاتم (٢ / ١٩٩ ، ٢٠٠) (٣٧١) ، وينظر : اللباب في علوم الكتاب لابن عادل (٥ / ١٥٦).
(٢) في الآية (٢٨) من سورة آل عمران.
(٣) ينظر : تفسير الرازي (٨ / ١٧).
(٤) في ب : المكرم.
(٥) قال الحسن : ومن رأفته بهم أن حذرهم نفسه ، أخرجه عنه الطبري (٦٨٣٩).
(٦) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦ / ٣٢٣) ، (٦٨٤٥ ، ٦٨٤٦) عن الحسن وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٣٠) وزاد نسبته إلى ابن المنذر. وأخرجه الطبري (٦ / ٣٢٣) (٦٨٤٧) عن ابن جريج وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٣٠) وزاد نسبته إلى ابن المنذر. وأخرجه الحكيم الترمذي عن يحيى بن أبي كثير كما في «الدر المنثور» (٢ / ٣٠). ينظر : تفسير البغوي (١ / ٢٩٣) ، وتفسير ـ