ويحتمل أن جعلها تصلح للتحرير ولما جعلت ، وإن كانت أنثى (١).
وقوله : (وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً).
يحتمل ـ أيضا ـ نباتا حسنا ؛ أن لم يجعل للشيطان إليها سبيلا.
ويحتمل أن ربّاها تربية حسنة ؛ أن لم يجعل رزقها وكفايتها بيد أحد من الخلق ؛ بل هو الذي يتولى ذلك لما يبعث إليها من ألوان الرزق (٢) ، كقوله : (وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً) ، وكقوله : (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا) [مريم : ٢٥].
وقوله : (وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا).
فيه لغتان : إحداهما : بالتخفيف ، والأخرى : بالتشديد ؛ فمن قرأ بالتخفيف (٣) ؛ فمعناه ضمّها زكريّا إلى نفسه (٤) ، ومن قرأ بالتشديد (٥) ؛ فمعناه : أن الله ـ عزوجل ـ ضمّها إلى زكريا (٦).
وقوله : (كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً).
قيل : وجد عندها فاكهة الصيف في الشتاء ، وفاكهة الشتاء في الصيف (٧) ـ قال زكريا : (أَنَّى لَكِ هذا).
قيل فيه بوجهين :
قيل : استخبار عن موضعه (٨) ، أو كيف لك هذا ، على الاستيصاف (٩) ؛ إنكارا عليها واتهاما ؛ لما لا يدخل عليها غيره ، ولا يقوم بكفايتها سواه ، فوقع في قلبه أن أحدا من
__________________
(١) ينظر : اللباب في علوم الكتاب (٥ / ١٧٩).
(٢) روي مختصرا عن ابن جريج ، أخرجه الطبري (٦ / ٣٤٥) (٦٩٠١) ، وقيل : بجعل ذريتها من كبار الأنبياء. ينظر : محاسن التأويل للقاسمي (٤ / ٩٢).
(٣) قرأ بالتخفيف ابن عامر وابن كثير وأبو عمرو ونافع من السبعة.
ينظر : السبعة لابن مجاهد (٢٠٤) ، الحجة لابن خالويه (ص : ١٦١) ، شرح الطيبة للنويرى (١ / ١٥٢ ـ ١٥٤) ، إتحاف فضلاء البشر للبنا (١ / ٤٧٥ ـ ٤٧٦).
(٤) أخرجه الطبري (٦ / ٣٤٩) (٦٩٠٣) عن الربيع ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٣٥) وعزاه للطبري.
(٥) قرأ بالتشديد الكوفيون : عاصم وحمزة والكسائي. ينظر : المصادر السابقة.
(٦) ينظر : معاني القراءات لأبي منصور الأزهري (١ / ٢٥٢).
(٧) أخرجه الطبري (٦ / ٣٥٦) (٦٩٣٣) عن ابن عباس ، وأخرجه برقم (٦٩٢٠ ـ ٦٩٢٣) عن الضحاك ، وأخرجه برقم (٦٩٢٧) عن مجاهد ، وكذا ابن أبي حاتم (٢ / ٢٢٧) (٤٣٥) ، وأخرجه برقم (٦٩٢٨) عن قتادة ، وبرقم (٦٩٣٠) عن الربيع ، وبرقم (٦٩٣١) عن السدي. وينظر : الدر المنثور (٢ / ٣٦).
(٨) أخرجه ابن أبي حاتم (٢ / ٢٣٠) (٤٤٦ ، ٤٤٧) عن أبي مالك والضحاك وذكرهما السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٣٦) وعزاهما إلى ابن أبي حاتم.
(٩) الاستيصاف : أي : طلب الإخبار عن الصفة. ينظر : تاج العروس (٢٤ / ٤٥٩) (وصف).