جاء به النهى ، وفيما دونه تنازع ، لم يوجب الرخصة للإشكال فى حق التمام لما له الرخصة على ما كان لما له النهى. والله أعلم.
والوجه الثالث : أن السفر عذر ، والنهايات فى الأعذار الثلاث ، فكذلك بالأيام ؛ إذ بها يسافر. وقال موسى عليهالسلام : (قالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً) [الكهف : ٧٦].
وأما المرض فلم يجز أن يكون اسمه سببا للرخصة ؛ إذ ربما كان المرض يخفف الصيام ويسهل عليه سبيل فعله.
ومن البعيد الترخيص بما يسهل فيه الفعل ، والتضييق (١) لما يشتد ؛ فثبت أنه ليس لاسم المرض. وعلى ذلك الإجماع فهو ـ والله أعلم ـ لما يخاف أن يزداد له بترك الأكل الداء ، ويقبح على المرء اكتساب الداء وتعاطى الضارية ، فرخص له الفطر بذلك ، وذلك معنى البشرية ، إذ به تخفيف ما به أو منع ، أو ما يعتريه من الضرر ، ولهذا ما رخص أصحابنا لمن به رمد يخاف الزيادة فيه.
وقد روى عن أنس بن مالك ، رضى الله تعالى عنه ، أن النبى صلىاللهعليهوسلم قال : «يفطر المريض
__________________
ـ حديث ابن عباس :
أخرجه البخارى (٦ / ١٤٢ ـ ١٤٣) كتاب : الجهاد ، باب : من اكتتب فى جيش ، فخرجت امرأته حاجة أو كان له عذر هل يؤذن له؟ حديث (٣٠٠٦) ، ومسلم (٢ / ٩٧٨) كتاب : الحج ، باب : سفر المرأة مع محرم إلى حج أو غيره حديث (٤٢٤ / ١٣٤١) ، وأحمد (١ / ٢٢٢) ، والطيالسى (١ / ١٢٤ ـ منحة) رقم (٥٨٣) ، وأبو يعلى (٤ / ٢٧٩) رقم (٢٣٩١) ، وابن خزيمة (٢٥٢٩) ، والطحاوى فى شرح معانى الآثار (٢ / ١١٢) ، وابن حبان (٣٧٦٣ ، ٣٧٦٤ ـ الإحسان) من طريق عمرو عن أبى معبد عن ابن عباس قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «لا يخلون رجل بامرأة ولا تسافر امرأة ، إلا ومعها ذو محرم».
حديث أبى سعيد الخدرى :
أخرجه البخارى (٤ / ٧٣) كتاب : جزاء الصيد ، باب : حج النساء ، حديث (١٨٦٤) ، ومسلم (٢ / ٩٧٥ ، ٩٧٦) كتاب : الحج ، باب : سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره ، حديث (٤١٥ ، ٤١٦ / ٨٢٧). وأحمد (٣ / ٣٤ ، ٧١) ، والحميدى (٧٥٠) ، وأبو يعلى (٢ / ٣٨٨ ـ ٣٨٩) رقم (١١٦٠) من طريق قزعة عن أبى سعيد الخدرى مرفوعا بلفظ : «لا تسافر المرأة يومين من الدهر إلا ومعها زوجها أو ذو محرم منها».
وأخرجه أبو داود (١ / ٥٣٩) كتاب : المناسك ، باب : فى المرأة تحج بغير محرم ، حديث (١٧٢٦) ، والترمذى (٣ / ٤٧٢) كتاب : الرضاع ، باب : كراهية أن تسافر المرأة وحدها حديث (١١٦٩) من طريق الأعمش عن أبى صالح عن أبى سعيد قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفرا فوق ثلاثة أيام فصاعدا إلا ومعها أبوها أو أخوها أو زوجها أو ابنها أو ذو محرم منها».
وقال الترمذى : حسن صحيح.
(١) فى ب : والنفيس.