[البقرة : ٢٨٣] : أمرهم بأداء الأمانة فيما ائتمنوا.
وقوله : (إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً) :
قيل : ملازما ، مواظبا (١) ، ملحا ، دائما ، متقاضيا. ومن عامل من المسلمين الناس هذه المعاملة يخاف دخوله في هذا النهي والوعيد (٢).
وقوله : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ)
قالوا ذلك ؛ لأنهم كانوا يستحلون أموال المسلمين ظلما ، يقولون : لم يجعل علينا في كتابنا لأموالهم حرمة أموالنا علينا ؛ يقولون : نحن أبناء الله وأحبّاؤه ، وأرادوا بالأمّيين : العرب ؛ إذ ليس لهم كتاب.
وقيل : ذلك الاستحلال بأن قالوا : ليس علينا لله فيهم سبيل ، وأرادوا بالأميين : المسلمين ؛ على ما روي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «نحن أمّة أمّيّة ؛ لا نحسب ولا نكتب» (٣).
وقيل : قالوا : لا حرج علينا في حبس أموالهم في التوراة ؛ فأكذبهم الله ـ عزوجل ـ بقوله :
__________________
ـ (رهن) ، والمصباح المنير (١ / ٣٣٠) (رهن) ، فتح القدير (١٠ / ١٣٥) ، ومجمع الأنهر (٢ / ٥٨٤) ، وحاشية الدسوقي (٣ / ٢٣١) ، وأسهل المدارك (٢ / ٢٦٦) ، ومغني المحتاج (٢ / ١٢١) ، والمغني لابن قدامة (٤ / ٣٦١).
(٣) الكفالة لغة : الضم ، قال ـ تعالى ـ : (وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا) [آل عمران : ٣٧] ، أي : ضمها إلى نفسه.
واصطلاحا : ضم ذمة إلى ذمة في حق المطالبة ، ويقال للمرأة : كفيل أيضا.
ينظر : الصحاح (٤ / ١٨١١) (كفل) ، وطلبة الطلبة لنجم الدين النسفي ص (١٣٩) ، والمغرب (٢ / ٢٢٧) ، والمطلع للبعلي الحنبلي ص (٢٤٨).
(١) قاله مجاهد أخرجه الطبري (٧٢٦٣ ، ٧٢٦٤) ، وابن أبي حاتم (٢ / ٣٤٧) (٨٠٤) ، وعبد بن حميد وابن المنذر كما في الدر المنثور (٢ / ٧٧).
(٢) في ب : الوعد ، وقال القرطبي : استدل أبو حنيفة على مذهبه في ملازمة الغريم بقوله : (إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً) وأباه سائر العلماء. وقد استدل بعض البغداديين من علمائنا على حبس المديان بقوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ ...)[آل عمران : ٧٥] الآية ، فإذا كان له ملازمته ومنعه من التصرف جاز حبسه.
ينظر : تفسير القرطبي (٤ / ٧٥) ..
(٣) أخرجه أحمد (٢ / ٤٣ ، ٥٢ ، ١٢٩) ، والبخاري (٤ / ٦٢٣) : كتاب الصوم : باب قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «لا نكتب ولا نحسب» (١٩١٣) ، ومسلم (٢ / ٧٦١) : كتاب الصيام باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال ، وأبو داود (١ / ٧٠٩) ، كتاب الصيام : باب الشهر يكون تسعا وعشرين ، (٢٣١٩) ، والنسائي (٤ / ١٣٩) : كتاب الصيام : باب ذكر الاختلاف على يحيى بن أبي كثير في خبر أبي سلمة فيه ، من حديث ابن عمر مرفوعا «إنا أمة أمية ، لا نكتب ولا نحسب ، الشهر هكذا وهكذا وهكذا ، وعقد الإبهام في الثالثة. والشهر هكذا وهكذا وهكذا يعني تمام الثلاثين».