إيمان تقليد : فلم يكن إيمانه إيمان حقيقة ، فمثله يصد عنه ، إلا أن من يمن الله عليه فيشرح صدره ؛ حتى يكون على نور منه ، وذلك أحد وجوه اللطف.
والمقلد غير معذور ؛ لما معه [ما](١) لو استعمله لأوضح له الطريق ، وأراه قبح ما آثر من التقليد ، ولا قوة إلا بالله (٢).
ويحتمل قوله : (لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آمَنَ) ، أي : لم تقصدون قصد صدهم عن سبيل الله ، وهم لا يرجعون إلى دينكم ، أيأس منه إياهم عن أن يرجعوا عن دينهم الذي عليه ؛ كقوله : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) [المائدة : ٣] فيه إياس الكفرة عن رجوع المسلمين إلى دينهم.
وقيل (٣) : كانوا يصرفون المؤمنين عن الحجج (٤).
وقوله : (تَبْغُونَها عِوَجاً) ، والعوج : هو غير طريق الحق ، وهو الزيغ والتعوج عن الحق.
وقوله : (وَأَنْتُمْ شُهَداءُ ، وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ) : واحد ، وفي حرف حفصة ـ رضي الله عنها ـ : «وأنتم شهداء على الناس».
وقوله : (وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) : هو حرف وعيد وتنبيه ؛ لأن من علم أن عليه رقيبا وحافظا ، يكون أحذر وأخوف ممن لم يكن عليه ذلك.
قال الشيخ ـ رحمهالله ـ : وفيه أنه لا غفلة بالذي يكون منكم خلقكم ، ولكن على علم ؛ لتعلموا أنه لا للحاجة خلقكم ؛ بل لإظهار الغنى والسلطان ، جلّ جلاله ، وعم نواله.
وقوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) الآية.
الآية تحتمل وجوها :
أحدها : معلوم أن المؤمنين لا يطيعون الكفار بحال في الكفر ، ولكن معناه ـ والله
__________________
(١) سقط من ب.
(٢) في ب : والله الموفق.
(٣) أخرجه ابن جرير (٢ / ٥٧) (٧٥٢٥) ، وابن أبي حاتم (٢ / ٤٣٣ ، ٤٣٤) (١٠٥٤) عن السدي ، وعن قتادة أخرجه ابن جرير (٧٥٢٦) ، وابن أبي حاتم (٢ / ٤٣٣) (١٠٥٢) ، وابن جرير (٧٥٢٧) ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ١٠٤).
(٤) وقيل : يصدون عن محمد ويمنعون من اتباعه المؤمنين به ، بكتمانهم صفته التي يجدونها في كتبهم.
ومحمد على هذا القول هو السبيل ، و (تَبْغُونَها عِوَجاً)[آل عمران : ٩٩] يبغون محمدا هلاكا.
ينظر : تفسير الطبري (٧ / ٥٧ ـ ٥٨).