ويحتمل : لا بهذا ، ولكن بقوله : (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ) ؛ إذ لا يجب إكمال العدة لما مضى إلا على حق الفرضية.
والثانى : قال الله تعالى : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ) ، بما رخص للمريض والمسافر الإفطار ، ولو كان غير فرض لم يكن لما ذكر من الامتنان علينا بالتيسير معنى ؛ لأن المنة لا تذكر فيما له تركه ؛ فدل أنه فرض.
ويحتمل : أن يكون فرضيته بقوله عزوجل : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ) ؛ لأن قوله : (كُتِبَ) ، أى : فرض. فدلت هذه الآيات على أنه فرض.
ثم اختلف فى قضاء ما فات منه برخصة الإفطار فى السفر أو فى المرض :
قال بعضهم (١) : لا يجوز إلا متتابعا. وكذلك روى فى حرف أبى بن كعب فى قوله : «فعدة من أيام أخر متتابعات» (٢).
وأما عندنا : فإنه يجوز متتابعا ومتفرقا ؛ اتباعا لما روى عن خمسة من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أنهم قالوا : «إن شاء تابع ، وإن شاء فرق» سوى أن عليّا (٣) ، رضى الله تعالى عنه ، قال : يتابع ، لكنه إن فرق جاز ، ثم عن على ، وعبد الله بن عباس ، وأبى سعيد الخدرى (٤) ، وأبى هريرة ، رضى الله تعالى عنهم ، وآخر لست أذكره ، أنهم قالوا : بجواز ذلك (٥) ، ولا يحتمل أن التتابع شرطا فيه خفى ذلك على هؤلاء ، أو تركوه إن عرفوه ؛ فدل
__________________
(١) قلت : روى فى ذلك حديثا مرفوعا عن أبى هريرة أخرجه الدارقطنى بإسناد ضعيف عنه مرفوعا كما فى الدر المنثور (١ / ٣٤٨) بلفظ : «من كان عليه صوم من رمضان فليسرده ولا يفرقه».
(٢) أخرجه ابن المنذر والدارقطنى وصححه ، والبيهقى فى سننه عن عائشة كما فى الدر المنثور (١ / ٣٤٨). قالت : نزلت (فعدة من أيام أخر متتابعات) فسقطت (متتابعات) قال البيهقى : أى نسخت.
(٣) أخرجه ابن أبى شيبة (٩١٣٦) من طريق أبى إسحاق عن الحارث عنه قال : «من كان عليه صوم رمضان فليصمه متصلا ولا يفرقه».
(٤) سعد بن مالك بن سنان ـ بنونين ـ ابن عبد بن ثعلبة بن عبيد بن خدرة ـ بضم المعجمة ـ الخدرى أبو سعيد ، بايع تحت الشجرة ، وشهد ما بعد أحد ، وكان من علماء الصحابة ، له ألف ومائة حديث وسبعون حديثا ، اتفقا على ثلاثة وأربعين ، وانفرد البخارى بستة وعشرين ، ومسلم باثنين وخمسين وعنه طارق بن شهاب ، وابن المسيب ، والشعبى ، ونافع ، وخلق. قال الواقدى : مات سنة أربع وسبعين.
ينظر : تهذيب الكمال (١ / ٤٧٣) ، تهذيب التهذيب (٣ / ٤٧٩) ، تقريب التهذيب (١ / ٢٨٩) ، خلاصة تهذيب الكمال (١ / ٣٧١) ، الكاشف (١ / ٣٥٣) ، تاريخ البخارى الكبير (٤ / ٤٤).
(٥) أخرجه ابن أبى شيبة عن ابن عباس وأبى هريرة (٩١١٤) ، (٩١١٦) قالا : لا بأس بقضاء رمضان متفرقا.
وأخرجه أيضا عن أنس (٩١١٥) قال : إن شئت فاقض رمضان متتابعا وإن شئت متفرقا.
وعن معاذ بن جبل (٩١١٩) أنه سئل عن قضاء رمضان قال : أحص العدة وصم كيف شئت. ـ