أنه لا يصح ذكر التتابع شرطا فيه ، وليس كذكر التتابع فى صوم كفارة اليمين فى حرف ابن مسعود ، رضى الله تعالى عنه ؛ لأنه لم يخالفه أحد من الصحابة ، رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ، فى ذلك ، فصار كالمتلو. وهاهنا قد خالفوا أبيّا فى حرفه ؛ فلم يصر كالمتلو ؛ لذلك افترقا. والله أعلم.
وقراءة أبى إن ثبتت عنه ، فهو على الأرب ؛ لما ذكر من إجماع الصحابة ، رضى الله تعالى عنهم ، وبما أنه وجب بوقت ، وكل ذى وقت فليس التتابع بشرط فيه فى غير ذلك الوقت.
ولو كان التتابع شرطا ، لكان حق الإفطار يلزم الكل ؛ حتى يكون القضاء موصولا أو الابتداء.
فأما إذا جاز التفريق بين بعض له حكم الابتداء وبعض له حكم القضاء ، لجاز فى غيره من الأبعاض ؛ إذ كل ذلك له فى الابتداء جاز الفعل والترك. فصار حق كل يوم فى القضاء لنفسه لا لغيره ؛ إذ كذلك حقه فى الترك القضاء ، وفى الفعل فى الابتداء. ولا قوة إلا بالله.
وما ذكر من المسائل فهى مبنية على هذا الذى ذكرت : أن التتابع للفعل لا يحتمل اعتراض رخصة التفريق على إمكان الجمع ؛ ثبت أن الجمع شرط فيه. وما نحن فيه يحتمل صوم كل يوم على الانفراد أن يؤخر فعله فى الشهر بالرخصة عن غيره كذلك القضاء. والله أعلم.
وبعد ، لو كان التتابع شرطا لم يكن لقوله : (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) ، وقوله عزوجل : (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ) ، كبير فائدة ؛ لأن فى التتابع شرط الجملة ، لا أن يكلف له العدد ، وعلى الرجل أن يتم المدة التى للقضاء ، لا أن يحفظ الحساب لإكمال العدة. والله أعلم.
والأصل : أن كل صوم يؤمر بالتتابع بحيث الفعل يكون التتابع شرطا فيه حيثما كان الفعل. وكل صوم يكون التتابع فيه بحيث الوقت ، ففوت ذلك الوقت يسقط حق التتابع.
ولهم على هذا مسائل :
إذا قال : «لله علىّ أن أصوم شعبان» ، فلزمه أن يصوم متتابعا ، لكنه إذا فات شىء منه يقضى إن شاء متتابعا ، وإن شاء متفرقا ؛ لأن التتابع بحيث الوقت يسقط لسقوطه.
__________________
ـ وعن ابن عمر (٩١٣٢) قال : صمه كما أفطرته.
وعن أبى عبيدة بن الجراح (٩١٣٣) سئل عن قضاء رمضان متفرقا قال : أحص العدة وصم كيف شئت.