وقيل : إن سرية من [أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم](١) خرجوا إلى قتال المشركين يقاتلونهم حتى قتلوا جميعا ، فشق على النبي صلىاللهعليهوسلم وأصحابه بقتلهم ، فدعا عليهم باللعنة ـ يعني : على المشركين ـ أربعين يوما في صلاة الغداة ؛ فنزل قوله : (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ)(٢).
وعن ابن عمر ـ [رضي الله عنه ـ أنه](٣) قال : قال النبي صلىاللهعليهوسلم يوم أحد : «اللهمّ العن أبا سفيان ، اللهمّ العن فلانا ، حتى لعن نفرا منهم» فنزل قوله : (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ..). الآية (٤).
وقيل : «إن نفرا من المسلمين انهزموا ، فشق ذلك على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فنزل : (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ)(٥) ، فأمره بكف الدعاء عنهم ، والله أعلم بالقصّة في ذلك.
وقوله : (أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ) :
فإن كانت القصة في الكفار فكأنه طلب التوبة والهدى ، وأفرط في الشفقة فقال : (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) فيهديهم لدينه ، (أَوْ يُعَذِّبَهُمْ) على كفرهم ؛ (فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ) ؛ كقوله : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) [القصص : ٥٦].
فإن كان في المؤمنين فقوله : (يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) عن ذنبهم الذي ارتكبوا ، (أَوْ يُعَذِّبَهُمْ) بذنبهم ، ولا يعفو عنهم ، والله أعلم بذلك.
وقوله : (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ..). الآية.
فيه دلالة ما ذكرنا في قوله : (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) إنما الأمر إلى الله ، الذي له ما في السموات وما في الأرض ، هو الذي يغفر لمن يشاء ، ويعذب من يشاء.
__________________
(١) ما بين المعقوفين سقط من ب.
(٢) أخرجه البخاري (٣ / ١٨٠) في كتاب الاستسقاء : باب دعاء النبي صلىاللهعليهوسلم ، رقم (١٠٠٦) ، وطرفاه في : (٢٩٣٢) ، (٣٣٨٦) ، ومسلم في صحيحه (١ / ٤٦٦ ـ ٤٦٨) كتاب المساجد ومواضع الصلاة : باب استحباب القنوت في جميع الصلاة ، إذا نزلت بالمسلمين نازلة برقم (٦٧٥ ـ ٦٧٧) ، وأحمد (٢ / ٢٣٩ ، ٢٥٥ ، ٤٧٠ ، ٥٠٢) ، والدارمي (١٦٠٣) ، وابن خزيمة (٦١٩) ، وابن ماجه (٢ / ٤٠٤ ، ٤٠٥) كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها ، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر (١٢٤٤) ، والنسائي (٢ / ٥٤٦) كتاب التطبيق ، باب القنوت في صلاة الصبح ، والحميدي (٩٣٩).
(٣) ما بين المعقوفين سقط من ب.
(٤) أخرجه أحمد (٢ / ٩٣) ، والطبري (٧ / ٢٠٠) (٧٨١٩) ، والترمذي (٥ / ١٠٦) كتاب التفسير ، باب ومن سورة آل عمران (٣٠٠٤) ، وعبد الرزاق في مصنفه (٢ / ٤٤٥ ، ٤٤٦) (٤٠٢٧) وفي التفسير (١ / ١٣٢) ، والنسائي (٢ / ٢٠٣) ، وفي سننه الكبرى (٥٧٨) ، وأبو يعلى (٩ / ٤٠٣) ، (٥٥٤٧) ، وابن خزيمة (١ / ٣١٥) (٦٢٢) ، والطحاوي في مشكل الآثار (٥٦٧) ، وفي شرح المعاني (١ / ٢٤٢) ، وابن أبي حاتم في التفسير (٢ / ٥٣٣) (١٣٨٩) ، وابن حبان (١٩٨٧ ـ الإحسان) ، والطبراني في الكبير (١٣١١٣) ، والبيهقي (٢ / ١٩٨) ، والبغوي في التفسير (١ / ٤١٧).
(٥) تقدم قريبا.