هو على التقديم والتأخير : «حتى إذا تنازعتم [و] فشلتم» ؛ إذ التنازع هو سبب الفشل [والجبن](١) ؛ كقوله : (وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا) [الأنفال : ٤٦].
[وقوله ـ عزوجل ـ : (وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ)
قيل : في القصّة : إن نفرا من رماة أمرهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يكونوا في مكان ، وألا يدعوا موقفهم ، فتركوه ووقعوا في غنائمه ؛ فعوقبوا على ذلك (٢).
وقوله ـ عزوجل ـ : (مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ) ،](٣) يحتمل : ما أراكم ما تحبون من الهزيمة والغنيمة.
ويحتمل : ما أراكم من النصر لكم على عدوكم ، وإنجاز الوعد لكم.
وقوله : ـ عزوجل ـ (مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) : روي عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أنه قال : «ما كنا نعرف [أن](٤) أحدا من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم يريد الدنيا ، حتى نزل قوله : (مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا)(٥).
وقوله : (ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ).
روي عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ في قوله ـ تعالى ـ : (ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ) ، يعني : هزم المسلمون ، يقول : صرفوا عن المشركين منهزمين ، بعد إذ كانوا هزموهم ، لكن لما عصوا وتركوا المركز صرفهم الله عن عدوه (٦) :
(لِيَبْتَلِيَكُمْ)
أي : ذلك الصرف كان لكم من الله ابتلاء ومحنة.
وقيل : كان ذلك العصيان ـ الذي منكم كان ـ من الله ابتلاء ؛ ليعلم من قد علم أنه يعصي عاصيا ، والله أعلم.
ودلّ قوله ـ عزوجل ـ : (ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ) ـ وإن كان الانصراف فعلهم ـ أن الله
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) أخرجه البخاري (٣٠٣٩) مطولا من حديث البراء بن عازب.
(٣) ما بين المعقوفين سقط من ب.
(٤) سقط من ب.
(٥) أخرجه الطبري (٧ / ٢٩٥) (٨٠٣٦) ، وابن أبي حاتم (٢ / ٦٠٦) (١٦٤٩) ، وابن أبي عاصم في الزهد (٩٨ ، ٩٩) ص (٥٦٥) والواحدي في الوسيط (١ / ٥٠٥) ، وذكره الهيثمي في المجمع (٦ / ٣٢٨) ، وقال : رواه الطبراني في «الأوسط» وأحمد ورجال الطبراني ثقات ، وذكره ابن كثير في تفسيره (١ / ٤١٣).
(٦) وروي هذا المعنى عن الحسن ، أخرجه ابن جرير الطبري (٧ / ٢٩٧) (٨٠٤١) ، وذكره السيوطي في الدر المنثور (٢ / ١٥٣) وعزاه لابن جرير.