وقوله ـ عزوجل ـ : (لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا ما أَصابَكُمْ) :
يعني : من الفتح والغنيمة ، ولا ما أصابكم من القتل والهزيمة.
ويحتمل قوله : (لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ) من الدنيا ، (وَلا ما أَصابَكُمْ) : فيها من أنواع الشدائد ؛ بما أدخلتم على رسول الله صلىاللهعليهوسلم من الغمّ بعصيانكم إيّاه.
(وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) :
على الوعيد.
[وقوله](١) : (ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ) :
قيل فيه بوجهين ؛ قيل : الطائفة التي أتاهم النعاس هم المؤمنون ، سمعوا بانصراف العدو عنهم فصدقوا الخبر فناموا ؛ لأن الخوف إذا غلب يمنع النوم ، وأمّا الطائفة التي قد أهمتهم أنفسهم هم المنافقون ، لم يصدّقوا الخبر فلم يذهب عنهم الخوف ، فلم ينعسوا ؛ وذلك كقوله ـ عزوجل ـ : (يَحْسَبُونَ الْأَحْزابَ لَمْ يَذْهَبُوا) [الأحزاب : ٢٠] الآية.
وقيل : كانت الطائفتان جميعا من المؤمنين ، لكن إحداهما قد أتاها النعاس ؛ لما أمنوا من العدو ، والأخرى لا ؛ بعصيانهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم وتركهم أمره منع ذلك النوم عنهم ؛ إذ كيف يلقون رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وكيف يعتذرون إليه؟ والله أعلم.
وعن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال : «النّعاس فى الصّلاة من الشّيطان ، وفى القتال أمنة من الله» (٢).
وقوله ـ عزوجل ـ : (يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ) :
قيل : يظنون بالله ألا ينصر محمّدا صلىاللهعليهوسلم وأصحابه ، ذا في غير المؤمنين.
وقيل : (يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِ) نونا كاذبة ، إنما هم أهل شرك وريبة في أمر الله (٣) ، يقولون : (يَقُولُونَ لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا).
وقوله : ـ عزوجل ـ : (يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ) :
قيل : يقولون بعضهم لبعض : (هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ) ، يعني بالأمر : النصر
__________________
(١) سقط من ب.
(٢) أخرجه عبد الرزاق في المصنف (٢ / ٤٩٩) في كتاب الصلاة : باب الرجل يلتبس عليه القرآن في الصلاة (٤٢١٩) ، وابن أبي حاتم (٢ / ٦١٦) (١٦٨٤) ، وذكره الهيثمي في المجمع (٦ / ٣٢٨) في التفسير وقال : رواه الطبراني وفيه قيس بن الربيع وثقه شعبة وغيره وضعفه جماعة.
(٣) روي هذا عن قتادة الطبري في تفسيره (٧ / ٣٢٠) (٨٠٨٧) ، وابن أبي حاتم (٢ / ٦١٩) (١٦٩١) ، وذكره السيوطي في الدر (٢ / ١٥٥) وعزاه لابن جرير الطبري عن قتادة والربيع.