والغنيمة.
وقيل : قالوا ذلك للمؤمنين.
(قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ)
يعنى النصر والفتح كلّه بيد الله.
(يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ ما لا يُبْدُونَ لَكَ) :
والذين يخفون قولهم : لو أقمنا في منازلنا ما قتلنا هاهنا ، وقيل : يقولون : (لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) ، [قالوا : ليس لنا](١) من الأمر من شيء ؛ إنما الأمر إلى محمد ، ولو كان الأمر لنا ما خرجنا إلى هؤلاء حتى قتلنا هاهنا.
قال الله ـ تعالى ـ : (قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ) :
قيل : (قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ) كما يقولون : (لَبَرَزَ) ، يعني : لخرج من البيوت (الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ) ؛ ليقتلوا (٢).
وقيل : من كتب عليه القتل يظهر الذي كتب عليه حيث كان (٣).
وقيل : إذا كتب على أحد القتل لأتاه ، ولو كان في البيت ، وكقوله : (أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ) [النساء : ٧٨] ، وقيل : متى كتب الله على قوم القتل فلم يموتوا أبدا؟! وفي هذا بيان أن الآجال المكتوبة هي التي تنقضي بها الأعمار : إن كان قتلا فقتل ، وإن كان موتا فموت ، لا على ما قالت المعتزلة : إن القتل تعجيل عن أجله المكتوب له وعليه (٤) ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَلِيَبْتَلِيَ اللهُ ما فِي صُدُورِكُمْ) :
والابتلاء هو الاستظهار ؛ كقوله ـ عزوجل ـ : (يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ) [الطارق : ٩] تبدي وتظهر ، وذلك يكون بوجهين : يظهر بالجزاء مرة ، ومرة بالكتاب ، يعلم الخلق من كانت سريرته حسنة بالجزاء ، وكذلك إذا كانت سيئة ، أو يعلم ذلك بالكتاب.
__________________
(١) بدل ما بين المعقوفين في ب : قالوا : لو كان لنا.
(٢) ينظر تفسير الطبري (٧ / ٣٢٤) ، وابن أبي حاتم (٢ / ٦٢١ ، ١٦٩٨) ، اللباب لابن عادل (٥ / ٦١٨).
(٣) ينظر : المصدر السابق.
(٤) قال أهل السنة والجماعة : المقتول ميت بأجله ، والقتل سبب الموت كالمرض.
وقالت المعتزلة : إنه قطع أجله ، وما قالوه فاسد ؛ قال الله ـ تعالى ـ : (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ)[الأعراف : ٣٤] ، ولأن القتل سبب الموت كسائر الأسباب ، والميت بسائر الأسباب ميت بأجله ؛ كذا هذا ؛ وهذا لأن أجله منتهي عمره ، وهذا منتهي عمره.
ينظر : أصول الدين للبزدوي (ص ١٦٧).