تعالى ـ سكينته على قلوبهم ؛ ليزيد لهم بذلك إيمانا ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ ..). الآية [الفتح : ٤] ، وبالله التوفيق.
ثم معنى زيادة الإيمان يتخرج على وجوه :
أحدها : بحق الابتداء في حادث الوقت ؛ إذ له حكم التجدد في حق الأفعال بما هو للكفر به تارك ؛ وعلى ذلك قوله ـ تعالى ـ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ..). الآية [النساء : ١٣٦] ، فيكون ذلك بحق الزيادة على ما مضى ، وإن كان بحق التجدد في حق الحادث والفرد.
والثاني : أن يكون له الثبات عليه ؛ إذ حجج الشيء توجب لزومه ، والدوام عليه ؛ فسمى ذلك زيادة.
ويحتمل : أن يكون يزداد له في أمره بصيرة ، وعلى (١) ما رغب فيه إقبالا ، ولحوقه مراعاة ؛ فيكون في ذلك زيادة في قوته أو في نوره ، أو بزينته وتمامه ، وذلك أمر معروف.
ويحتمل : أن يكون ذلك داع إلى محافظة حقوق ، والتمسك بأدلته ، والوفاء بشرائطه ؛ فيزيد ذلك فضله ؛ كما عدت صلاة واحدة في التحقيق ألفا ؛ بما في ذلك من حفظ الحقوق ومراعاتها ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) :
فزعوا إلى الله ـ تعالى ـ بما رأوا من صدق وعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم لهم وظهور كذب قول المنافقين : (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ ..). الآية ، أو قالوا ذلك عند قول المنافقين إياهم : (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ) ؛ فوضوا أمرهم [إلى الله تعالى](٢) ، وسلموا لما رأوا النصر منه ؛ رضاء منهم بكل ما يصيبهم ، كقوله ـ عزوجل ـ : (الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) [البقرة : ١٥٦] : مدحهم الله ـ عزوجل ـ بما رأوا أنفسهم لله ؛ فكذلك هذا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ).
أي : ذو منّ عظيم ، يدفع المشركين عن المؤمنين.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ).
يحتمل النعمة : [نعمة الدين](٣) ، على ما ذكرنا.
__________________
(١) في ب : على.
(٢) بدل ما بين المعقوفين في ب : إليه.
(٣) ما بين المعقوفين سقط من ب.