القرابين ؛ ثبت أن هذا الذي ادعوا ليس هو بعهد جاء به الرسل ـ عليهمالسلام ـ ولكنه حيل السفهاء بتلقين الشياطين ووحيهم ؛ لذلك لم يجب الذي ذكروا ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَإِنْ كَذَّبُوكَ) :
يا محمد في القول ، وما جئت من آيات تدل وتوضّح أنك رسول الله ، وأنك صادق في قولك (فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جاؤُ بِالْبَيِّناتِ)
يعزي نبيه ـ عليه الصلاة والسلام ـ ويصبّره ؛ ليصبر على أذاهم وتكذيبهم إياه ؛ كما صبر أولئك على أذاهم وتكذيبهم ؛ كقوله ـ عزوجل ـ : (فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ..). الآية [الأحقاف : ٣٥].
وفي قوله ـ تعالى ـ أيضا ـ : (فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ) وجوه :
أحدها : أن يصبّره على ذلك (١) بما له فيه أجر أن صبروا ، على عظم ذلك عليهم ؛ وذلك قوله تعالى : (فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ).
والثاني : على رفع العذر عنه في ترك الإبلاغ ؛ فإن ذلك لم يمنع من تقدمه.
والثالث : على الأنبياء أنهم أصحاب تقليد في التكذيب ، لا أن يكذبوا من محنة وظهور ؛ فذلك أقل للتأذي ، ولتوهم الارتياب في الأنبياء ؛ ليستيقن من حضره ، وصدقه ـ أن ذلك منهم على الاعتناد والتقليد دون المحنة والظهور ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (بِالْبَيِّناتِ) :
قد ذكرناها فيما تقدم في غير موضع.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَالزُّبُرِ) :
قيل : أحاديث الأنبياء ـ عليهمالسلام ـ من قبلهم بالنبوة على ما يكون.
وقيل : الزبر : هي الكتب ، أي : جاءوا بالبينات والزبر ، يعني : الكتب.
(وَالْكِتابِ الْمُنِيرِ) :
قيل : الزبر والكتاب واحد.
وقيل : (وَالْكِتابِ الْمُنِيرِ) : هو الذي فيه الحلال والحرام ، والأحكام المكتوبة عليهم. والمنير : هو الذي أنار قلب كل من تمسّك بالهدى ؛ كما قيل في الفرقان أنه يفصل ويفرق بين الحق والباطل ، والله أعلم.
وتسمي كتب الله كلها فرقانا ومنيرا ؛ بما تفرق بين الحق والباطل ، وتبين السبيلين
__________________
(١) في ب : وذلك في.