وقيل : لا تسرف ، أى : لا تمثل فى القتل.
وقيل : لا تسرف فى القتل ، أى : لا تقتل أنت إذ هو منصور.
فثبت بهذا نسخها ؛ إذ لم يؤذن بقتل غير القاتل.
وقوله أيضا : (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) [المائدة : ٤٥] ، ولا يحتمل نفس غير القاتل يقتل بنفس. دليله قوله : (فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ) [المائدة : ٤٥] ، ولا يتصدق على غير القاتل. ثبت أنها منسوخة (١) بما ذكرنا.
وفى الثانى : قال الله تعالى : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ) [البقرة : ١٧٩] ، لما إذا همّ بقتل آخر يذكر (٢) قتل نفسه ، فيرتدع عن قتله ، فيحيا به النفسان جميعا ، فلو لزم قتل غير القاتل لم يكن فيه حياة ، إذ لا يخشى تلف نفسه.
ثم هذا يدل على وجوب القصاص بين الحر والعبد ، وبين الكافر والمسلم ، إذ لو لم يجعل بينهما قصاص لم يرتدع أحد عن قتلهم ، إذ لا يخشى تلف نفسه بهم. فدل أنهم يقتلون بهم. والله أعلم.
هذا فيما يجعل الآية ابتداء ، لا فى الحيين ، اللذين ذكرا به.
ثم يقال : ليس فى ذكر شكل بشكل تخصيص الحكم فيه وجعله شرطا ونفيه فى غير شكله. دليله ما روى عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أنه قال : «خذوا عنى خذوا عنى ، قد جعل الله لهن سبيلا ، البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام ، والثيب بالثيب جلد مائة ورجم بالحجارة» (٣). ثم إذا زنى البكر بالثيب وجب ذلك الحكم ، فدل أن ليس فى ذكر شكل بشكل تخصيص فى الحكم ، [ولكن فيه إيجاب الحكم](٤) فى كل شكل إذا ارتكب ذلك وهو أن يقتل الحر إذا قتل آخر. والحرية لا تمنع الاقتصاص لفضله. وكذلك العبد إذا قتل آخر يقتل به ، والرق لا يمنع ذلك للذلّ الذى فيه.
وكذلك الأنثى تقتل إذا قتلت أخرى ، ولا يمنع ما فيها من الضعف فى وجوب القصاص. وبالله التوفيق.
__________________
(١) فى ط : آنفا منسوخها.
(٢) فى ب : تفكر.
(٣) أخرجه مسلم (٣ / ١٣١٦) كتاب الحدود ، باب : حد الزنى ، حديث (١٢ / ١٦٩٠) ، وأبو داود (٤ / ٥٦٩ ـ ٥٧٠) كتاب الحدود ، باب : فى الرجم ، حديث (٤٤١٥) ، والترمذى (٤ / ٤١) كتاب الحدود ، باب : الرجم على الثيب ، حديث (١٤٣٤) ، والدارمى (٢ / ١٨١) كتاب الحدود ، باب : فى تفسير قول الله تعالى : (أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً) ، وأحمد (٥ / ٣١٣ ، ٣١٧ ، ٣١٨ ، ٣٢٠ ، ٣٢١) ، وابن أبى شيبة (١٠ / ٨) ، وأبو داود الطيالسى (١ / ٢٩٨ ـ منحة) رقم (١٥١٤).
(٤) سقط فى أ.