أرحم بي من كل الراحمين. والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ) هو ظاهر أنه كشف عنه ما أصابه من البلاء في بدنه وأهله حتى عاد إلى الحال التي كان قبل ذلك.
وقال بعضهم : أوتي أهله في الدنيا ومثل أجورهم في الآخرة.
وقال بعضهم : (وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ) فأحياهم الله (وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ) ، وكانت امرأة أيوب ولدت قبل البلاء أولادا بنين وبنات ، فأحياهم الله.
وقال بعضهم : (وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ) أي : ما يتأهل به من الأهل والأنصار على ما كان له من قبل. والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ) يحتمل وجوها :
أحدها : أن من ابتلي ببلاء ، فصبر على ما صبر أيوب على بلائه ، ففرجه الله عن ذلك البلاء ـ فيفرجه عنه كما فرج لأيوب.
والثاني : يعلم أن ما أصابه ليس لأمر يسبق منه ، ولكن ابتلاء محنة من الله امتحنه بها ، وله أن يمتحن من شاء بما شاء من المحن.
قوله تعالى : (وَإِسْماعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ (٨٥) وَأَدْخَلْناهُمْ فِي رَحْمَتِنا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ)(٨٦)
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَإِسْماعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ) يشبه أن يكون «ذا الكفل» اسما من أسمائه ، وجائز أنه سمي ذا الكفل ؛ لأمر كان منه : ذكر أنه كان رجلا صالحا ، فكفل لنبي بأمر قومه ، فوفى ما تكفل به ؛ فسمي لذلك ذا الكفل.
ثم اختلف فيه :
قال بعضهم : هو رجل صالح على ما ذكرنا.
وقال بعضهم : كان نبيّا ، لسنا نعلم ذلك سوى أنه ذكر أنه من الصابرين ، سماهم صابرين على الإطلاق ، وكذلك سماهم صالحين على الإطلاق ، وذلك ـ والله أعلم ـ لأنهم جمعوا جميع أنواع الصبر وجميع أنواع الصلاح. والله أعلم.
وقوله : (وَأَدْخَلْناهُمْ فِي رَحْمَتِنا) قال الحسن : أدخلناهم في رحمتنا وهي الجنة ، وجائز أن يكون جميع ما نالوا من الصبر والصلاح كان ذلك كله رحمة الله وفضله ، وهكذا أن من نال شيئا من الخيرات والطاعات فإنما ينال ذلك كله برحمته. والله أعلم.
قوله تعالى : (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ