أن يرغب فيهن الرجال لكبرهن ، وإلا كن يردن النكاح ، وإن كبرن وعجزن.
وقوله : (فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ) قال بعضهم : ثيابهن : الرداء ، وكذلك روي في حرف ابن مسعود (١) أنه قرأ : أن يضعن من ثيابهن وهو الرداء.
وقال بعضهم (٢) : هو الجلباب ؛ يقال : الجلباب : هو القناع الذي يكون فوق الخمار ؛ فلا بأس أن تضع ذلك عند أجنبي وغيره بعد أن يكون عليها خمار صفيق (غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ) يقول ـ والله أعلم ـ : من غير أن تكون وضعت الرداء أو الجلباب تريد بذلك إظهار الزينة والتبرج.
وقوله : (وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَ) أي : وألا يضعن ما ذكرنا من الثياب خير لهن من أن يضعن.
وقال بعضهم (٣) : الخمار. لكنه لا يحتمل ؛ لأنه معلوم أن المرأة وإن كبرت وعجزت لا تكشف عورتها لأحد.
ثم الزينة ربما تكشف للمحارم ، ولا تكشف للغريب ، وهو الرأس والصدر ونحوه ، فإذا بلغت في السن مبلغا لا تطمع أن يرغب في نكاحها لا تتزين ، ومع ما لا تفعل لا يحل للأجنبي أن ينظر إلى شعرها ، ولا إلى صدرها ، ولا إلى ساقها ، وإنها وإن صلت ورأسها مكشوف فصلاتها فاسدة ، وإذا كان كذلك فليس يجوز أن يجعل تأويل وضع الثياب الخمار ؛ لما ذكرنا ، ولكن الرداء والجلباب الذي يلبس إذا خرجن من منازلهن.
فإن قيل : إنما أطلق لها بهذه الآية أن تضع خمارها عن رأسها ؛ إذا لم يرها أحد.
قيل : الشابة ـ أيضا ـ يجوز لها أن تضع الخمار عن رأسها إذا خلت في البيت ؛ فذلك يدل على أن العجوز أذن لها أن تضع ثوبها وهو الجلباب أو الملاءة التي كانت تغطي بها وجهها إذا خرجت ، وإذا كان المطلق لها هذا فالواجب على الشابة ألا تظهر وجهها إذا كانت تشتهى ولا يديها ، فإذا كان كذلك كان قوله : (إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها) [النور : ٣١] هو الزينة التي لا يمكن سترها بحال ، وهو الكحل ، والله أعلم.
__________________
(١) أخرجه ابن جرير (٢٦٢٠٦ ، ٢٦٢٠٧ ، ٢٦٢١١) ، وعبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في السنن ، كما في الدر المنثور (٥ / ١٠٤).
(٢) قاله ابن مسعود ، أخرجه ابن جرير عنه (٢٦٢٠٩ ، ٢٦٢١٠) ، وعن الضحاك (٢٦٢٠٣) ، ومجاهد (٢٦٢٠٤ ، ٢٦٢١٤ ، ٢٦٢١٥) ، والشعبي (٢٦٢١٣) ، وغيرهم ، وانظر : الدر المنثور (٥ / ١٠٤).
(٣) قاله ابن زيد ، أخرجه ابن جرير عنه (٢٦٢٠٥).