وعلى عباد الله الصالحين ، وعلى ذلك رويت الأخبار : «من دخل بيتا أو مسجدا ليس فيه أحد فليقل : السلام علينا من ربنا ، والسلام على عباد الله الصالحين» (١) ؛ وعلى ذلك جائز أن يكون قوله : (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) بترك الإنفاق عليها وغيره ، وكذلك قوله : (لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ) وجائز أن يريد بالأنفس : أهلهم ؛ أي : سلموا على أهليكم ، وهو الأولى.
ثم اختلف في السلام : قال بعضهم : السلام : من السلامة ؛ أي : عليك السلامة من جميع الآفات والنكبات.
وقال بعضهم : السلام هو اسم من أسماء الله ؛ فتأويله : عليك اسم الله الذي لا يضرك معه شيء ، ولا يلحقك به أذى ، وفي الخبر : «باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء» (٢).
وقوله : (تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ) التحية كأنها الكرامة ، كأنه قال : كرامة من الله لكم.
وقوله : (مُبارَكَةً) المبارك : هو الذي ينال به كل خير وبرّ.
أو أن تسمي مباركة ؛ لما بها ينمو الشيء ويزكو وقوله : (طَيِّبَةً) أي : يستطيب بها كل أحد.
وقال بعضهم : طيبة : أي : حسنة ، فتأويله : ما يستحسن به كل أحد.
وقال بعضهم قوله : (تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ) يقول : تحية من أمر الله لكم ، مباركة بالأجر ، طيبة بالمغفرة ، والله أعلم.
وقوله : (كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ) أي : مثل الذين يبين الله (لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) أي : كي تعقلوا ما لكم وما عليكم ، وما لله عليكم ، وما لبعضكم على بعض (٣).
وقوله (بُيُوتِكُمْ) : ما ذكرنا.
قال بعضهم (٤) : المساجد.
وقال بعضهم : البيوت المسكونة ؛ كقوله : (لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ) [النور : ٢٧].
__________________
(١) أخرجه ابن جرير عن أبي مالك (٢٦٢٥٠) ، وماهان (٢٦٢٥١) ، وإبراهيم (٢٦٢٥٢) ، ونافع (٢٦٢٥٣) ، بنحوه.
(٢) أخرجه أحمد (١ / ٦٢ ، ٦٦) ، والبخاري في الأدب المفرد (٦٦٠) ، والترمذي (٥ / ٣٩٦) ، أبواب الدعوات : باب ما جاء في الدعاء (٣٣٨٨) ، وأبو داود (٢ / ٧٤٤ ، ٧٤٥) ، كتاب الأدب : باب ما يقول إذا أصبح (٥٠٨٨ ، ٥٠٨٩) ، وابن ماجه (٥ / ٣٨٣) ، كتاب الدعاء : باب ما يدعو به الرجل إذا أصبح وإذا أمسى (٣٨٦٩) ، والنسائي في الكبرى (٦ / ٧) ، في كتاب عمل اليوم والليلة.
(٣) ينظر : اللباب (١٤ / ٤٥٧ ، ٤٥٨).
(٤) قاله ابن عباس ، أخرجه ابن جرير عنه (٢٦٢٤٦).