المفردات :
(الصِّيامُ) في اللغة : الإمساك ، وفي عرف الشرع : إمساك عن الأكل والشرب والجماع من الفجر إلى غروب الشمس احتسابا لوجه الله. (يُطِيقُونَهُ) لا يقال : هو يطيق حمل نواة أو ريشة وإنما هو يطيق حمل قنطارين من الحديد مثلا إذا كان يحملها بمشقة وشدة ، فالذين يطيقون الصوم هم الذين يتحملونه بمشقة وجهد ، ويؤيد هذا قراءة يطوقونه ، وذلك كالكبير المسن والحامل والمرضع والعامل في العمل الشاق الشديد وهو مضطر إليه. (لِتُكَبِّرُوا اللهَ) : لتعظموه وتشكروه.
المعنى :
الصيام رياضة روحية ، وعمل سلبي للنفس ، وتهيئة للتقوى بالمراقبة في السر والعلن ، وتربية للإرادة ، وتعويد للصبر وتحمل المشاق ، ولذا قيل : الصوم نصف الصبر ، وهو شاق على النفس حقيقة ، شديد عليها أن تحرم مما في يدها ، ولذا نرى القرآن الكريم يتلطف في الأمر منه.
إذ ناداهم بوصف الإيمان المقتضى للامتثال والمسارعة فيه ، ثم قال : إنه فرض عليكم كما فرض على الذين من قبلكم من الأمم ، فاقبلوه كما قبله غيركم ، ثم هو مطهرة للنفس ومرضاة للرب فرضه عليكم لعلكم به تتقون الله ، وهو أيام معدودات قلائل في العام شهر واحد : «لو علمت أمتى ما في رمضان من الخير لتمنت أن يكون السنة كلها» (١).
وليس واجبا إلا على القادر والمستطيع الصحيح ، وأما المسافر والمريض فلا حرج عليهما في الفطر ؛ لأن المرض والسفر مشقة والمشقة تجلب التيسير ، وعليهما القضاء ، ولم يحدد القرآن السفر ولا المرض لأن هذا يختلف باختلاف الأحوال ، ولو علم الله خيرا في التحديد لحدد ، ولكنه متروك لضميره ودينه.
وقيل : السفر الذي يصح فيه الفطر وقصر الصلاة قدر بحوالى ثمانين كيلو مترا.
ومن يتحمل الصوم بمشقة شديدة كالشيخ المسن والمريض مرضا مزمنا لهما الفطر وعليهما الفدية ، وهي طعام المسكين يوما من القوت الغالب الشائع في البلد ، والحامل
__________________
(١) أخرجه أبو يعلى والطبراني وغيرهما مجمع الزوائد ٣ / ١٤١.