المعنى :
١ ـ روى أن أعرابيا سأل النبي صلىاللهعليهوسلم : أبعيد ربنا فنناديه أم قريب فنناجيه؟ فنزلت الآية. ولا تنس الحكمة في وضعها بعد آيات الصوم ..
سبب النزول :
وإذا سألك يا محمد عبادي عنى فإنى قريب منهم أعلم أعمالهم ، وأرقب أحوالهم وهو تمثيل لحالة القرب : (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) أجيب دعوة من دعاني مخلصا لي قد شفع دعاءه بالعمل الخالص لوجه الله.
وإذا كان الأمر كذلك فليلبوا دعوتي لهم بالإيمان بي ، أجيب دعوتهم وأجازيهم على ذلك أحسن الجزاء لعلهم بهذا يهتدون إلى الخير النافع لهم.
٢ ـ روى أنهم كانوا في بدء الإسلام إذا أمسوا حل لهم الأكل والشرب والجماع إلى أن يصلوا العشاء أو يرقدوا ، فإذا صلوها أو رقدوا حرم عليهم كل هذا ، ثم إن عمر ـ رضى الله عنه ـ باشر زوجته بعد العشاء ، وندم بعد ذلك ندما كثيرا ، وأخبر النبي صلىاللهعليهوسلم بما حصل واعترف بالذنب ، فنزلت الآية : (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ).
أحل الله لكم في الليلة التي تصبحون فيها صائمين مباشرة نسائكم والاجتماع بهن ، وقد سمى القرآن الجماع رفثا وخيانة لقبح ما حصل منهم قبل نزول الآية.
والحكمة في الترخيص بهذا أن النساء مخالطون للرجال مخالطة الثوب للجسد بل أشد ، كل يستر صاحبه ويقيه من السوء ، وقد علم الله أن صبركم عنهن مع أنهن كاللباس أمر عسير وشاق ، وقد كنتم تخونون أنفسكم بمباشرتهن فتاب عليكم وعفا عنكم ، فالآن جامعوهن ليلا ، وكلوا واشربوا حتى يظهر لكم نور الفجر المعترض في الجو مع ظلام الليل فهو أشبه بالخيط الأبيض مع الخيط الأسود ، ثم أتموا الصيام إلى دخول الليل.
ولا تباشروا نساءكم بالجماع أو اللمس مع الشهوة وأنتم معتكفون في المساجد فإن ذلك يبطل الاعتكاف ، إذ في الاعتكاف لا فرق بين الليل والنهار.
تلك حدود الله ومحارمه التي تشبه الحدود الفاصلة فلا تقربوها فضلا عن تخطيها وانتهاك حرمتها.