يملؤون العيون رهبة إذا اجتمعوا. (اصْطَفاهُ) : اختاره. (بَسْطَةً) : سعة. (التَّابُوتُ) : الصندوق المحفوظ فيه التوراة ، ويروى أنه مصنوع من خشب مموه بالذهب. (سَكِينَةٌ) : فيه شيء تسكن به قلوبكم وتطمئن له. (بَقِيَّةٌ) الظاهر أنها قطع الألواح وعصا موسى وعمامة هارون. (فَلَمَّا فَصَلَ) أى : انفصل بهم عن البلد. (مُبْتَلِيكُمْ) : ممتحنكم. (يَطْعَمْهُ) : يذقه.
المعنى :
ألم ينته علمك إلى القوم من بنى إسرائيل؟ وقد وجدوا بعد موسى ـ عليهالسلام ـ حين قالوا لنبيهم ، ولم يسمه القرآن ، وقيل : إنه (صمويل) حين قالوا له : اختر لنا قائدا يقود زمامنا ، ولا شك أن طرد العدو من البلاد قتال في سبيل الله.
ولكن نبيهم قد عرفهم معرفة المجرب الحكيم ، فقال لهم : يا قوم أتوقع منكم عملا يخالف أقوالكم ، والزمان كفيل بتصديق نظريتى أو تكذيبها ، قالوا ردا عليه : وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله؟ أى شيء دهانا واستقر عندنا حتى لا نقاتل في سبيل الله؟ وهذا هو مقتضى القتال حاصل فقد أخرجنا من ديارنا وأموالنا ومنعنا من أبنائنا.
فلما فرض عليهم القتال كما طلبوا لم تكن الحوادث قد عركتهم ولم تكن نفوسهم طاهرة صادقة ، ولم تكن أرواحهم قد ملئت بالنور والإيمان كما فهم فيهم نبيهم ، ولذا تولوا وأعرضوا إلا قليلا منهم ، وانتحلوا المعاذير وعللوا أنفسهم بالتعاليل. وهكذا الأمم الميتة ، والله عليم بالظالمين لأنفسهم بتركهم الجهاد في سبيل الله دفاعا عن وطنهم وردّا لحقهم المغصوب.
وهذا تفصيل لما وقع بين النبي ـ عليهالسلام ـ وبين قومه حين طلبوا منه ملكا عليهم.
وقال لهم نبيهم : إن الله قد اختار لكم طالوت ملكا وقائدا فانظر إلى الأمم الضعيفة التي لم تشب بعد عن طوق الصبيان في التفكير فهي تشغل نفسها بالعرض عن الجوهر والشكل عن الموضوع ؛ أين هذا من الصحابة الأجلاء ـ رضى الله عنهم أجمعين ـ وقد