المفردات :
(شَهِدَ اللهُ) الشهادة : عبارة عن الإخبار المقرون بالعلم والإظهار والبيان. (الدِّينَ) المراد به الملة والشرع. (بَغْياً) : حسدا أو ظلما.
المعنى :
أخبر الله ـ تعالى ـ ملائكته ورسله بأنه الواحد الأحد لا إله إلا هو ، أخبرهم على علم وبين ذلك لهم أتم بيان ، والملائكة أخبروا الرسل بتوحيد الله وبينوه لهم ، وأولو العلم أخبروا بذلك وبينوه عالمين به ولا يزالون كذلك ... شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم شهد هذه الشهادة قائما بالعدل في الدين والشريعة والكون والطبيعة وفي العبادات والآداب والمعاملات ، فالله قد أتقن نظام الكون وأحكمه وعدل بين القوى الروحيّة والمادية ، وكانت الأحكام الشرعية مبنية على أساس التوازن الصحيح بين الفرد والأمة وبين الفرد والخالق وبينه وبين نفسه وبينه وبين أخيه وبين الغنى والفقير وهكذا ... إن الدين الذي ارتضاه الله وأحبه لعباده من يوم أن خلق الخلق إلى يوم الدين هو الإسلام ، ولا شك أن جميع الأنبياء والمرسلين لا يختلفون في جوهر الدين وهو الإسلام والتوحيد والعدل في كل شيء (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ) [آل عمران ٨٥] وما اختلف الذين أوتوه من أهل الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم اليقيني بأن محمدا هو خاتم الأنبياء وهو المبشر به عندهم (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ) [سورة البقرة آية ١٤٦].
اختلفوا في شأنه حسدا من عند أنفسهم وبغيا بينهم وحرصا على الدنيا وما فيها.
ومن يكفر بآيات الله الدالة على صدق الأنبياء بعد هذا فإن الله سريع الحساب وشديد العقاب.
فإن حاجوك بعد هذا وجادلوك بعد أن جئتهم بالحق البين فقل لهم : إنى ومن معى من المؤمنين قد أسلمت وجهى لله وانقدت له وأقبلت عليه بعبادتي مخلصا لله وحده معرضا عما سواه ، فإن كنتم مسلمين لله مخلصين له فما يمنعكم من اتباعى؟