يجاهدون في سبيل الله ، فيحصل لهم موت أو قتل : لو كانوا عندنا لم يبرحوا مكانهم ، ما ماتوا وما قتلوا.
عجبا لهؤلاء البله أهم يظنون أن المنايا ترسل بلا حساب ، وأن الهلاك لا يكون إلا بالسفر أو الحرب؟! ولله در خالد بن الوليد الذي يقول : ما في شبر من جسدي إلا وفيه ضربة سيف أو طعنة رمح وها أنا ذا أموت على الفراش كالبعير ، فلا نامت أعين الجبناء!! ألم يسمعوا قوله تعالى : (وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ كِتاباً مُؤَجَّلاً) (١).
وإذا لم يكن من الموت بدّ |
|
فمن العجز أن تموت جبانا |
فيا أيها المؤمنون لا تكونوا مثلهم ، بل خالفوهم وثقوا بالله وأن (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) (٢) فإنهم إن رأوكم هكذا لا تبالون بالموت.
ولست أبالى حين أقتل مسلما |
|
على أى جنب كان في الله مصرعي |
جعل الله ذلك حسرة في قلوبهم وندامة.
فأنتم المؤمنون المعتقدون أن الله يحيى ويميت وأنه هو المؤثر وحده وأنه يقول : (أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ) (٣) والله بما تعملون بصير ، فلا تخفى عليه خافية من خفايا نفوسكم ومعتقداتكم ، وفي هذا ترغيب للمؤمنين وتهديد للكافرين ، وتالله ـ أيها المسلمون ـ لئن قتلتم في سبيل الله أو متم فهناك مغفرة الله ورضوانه خير بكثير جدا مما يجمعون من حطام الدنيا الفانية.
ألا ترى معى أن القرآن يربى فينا روح التضحية والكفاح من أجل العقيدة ورفع لواء الإسلام ويعدنا بأن من يقتل في سبيل الله فهو حي يرزق عند ربه ؛ وعند الناس حي بالذكر الطيب والثناء الجميل.
وانظر إلى تقديم القتل في الجهاد والموت في غيره اعتبارا بالكثير الغالب.
__________________
(١) سورة آل عمران آية ١٤٥.
(٢) سورة آل عمران آية ١٨٥.
(٣) سورة النساء آية ٧٨.