فنعيمها فان وزائل. ولا تنس أن السورة كلها تدور حول غريزة حب المال وأثرها في القديم مع أمم الأنبياء ، ومع المؤمنين في غزوة بدر وأحد.
المعنى :
لا يغرنك ما ترى من هؤلاء الكفار وتقلبهم في الدنيا وتجارتهم ومكاسبهم فإنه متاع زائل وعرض فإن ، وكل زائل قليل ، ومثله لا يعتد به ولا ينظر إليه ؛ فإن مأواهم ونهايتهم جهنم وبئس ما مهدوا لأنفسهم وأعدوا لها بما جنته أيديهم ، فاستحقوا غضب الله عليهم غضبا سرمديا لا نهاية له ولا أمد حيث شاء الله.
روى أن بعض المؤمنين قال : إن بعض أعداء الله فيما نرى من الخير ، وقد هلكنا من الجوع والجهد ، فنزلت هذه الآية.
ثم بعد أن بين الله حال الكفار ومآل أمرهم في الآخرة أردف ذلك ببيان حال المؤمنين في الدنيا والآخرة ليظهر الفرق جليا وليعرف المسلمون أنهم ليسوا مغبونين في شيء لكن الذين اتقوا ربهم بفعل الطاعات واجتناب المنهيات لهم جنات المأوى تجرى من تحتها الأنهار أكلها دائم وظلها ، تلك عقبى الذين اتقوا وعقبى الكافرين النار.
وما عند الله بعد هذا خير للأبرار الذين فعلوا البر وأخلصوا فيه وأى خير بجانب ما أعد لهم؟!!
فالخيرية ليست على بابها ، أى : ما أعد للمؤمنين المتقين هو خير ، وما سواه مما أعد للكفار شر.
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً) [الكهف ١٠٧] الآية الكريمة حيث قال الله : (نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللهِ) أشار إلى أن المؤمن في الآخرة ضيف على كريم يداه مبسوطتان بالخير ، قوى قادر على كل شيء ، ملك الملوك ، وانظر إلى الكرامة التي خصوا بها من النزل من عند الله.
وقد عرفت حال الكفار الذين ماتوا على كفرهم وظلموا معاندين ، أما من أسلم منهم كعبد الله بن سلام أو من أسلم من نصارى نجران أو النجاشيّ عظيم الحبشة فالآية تحتمل كل هذا ، وإن من أهل الكتاب الذين آمنوا بالله إيمانا حقيقيا خالصا لا نفاق فيه