ولكن الإسلام حينما أباح التعدد أباحه للضرورة وقيده بقيود تكاد تكون بعيدة المنال ، فالقرآن يقول : لا تظلموا اليتيمة في مالها ونفسها ، وأمامكم النساء غيرها كثيرات. تزوجوا باثنين أو بثلاث أو بأربع ولكن هذا مقيد بقيد العدل وعدم الظلم ، لا فرق بين قديمة وحديثة وجميلة وقبيحة!! والقرآن قال في موضع آخر : (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ) (١) والعدل المقصود منه هنا : الميل القلبي ، فإن تحقق العدل الكامل بعيد جدا ، والميل واقع حتما ، فلم يبح التعدد بلا قيد ولا شرط ، بل بشرط بعيد الحصول ؛ والتعدد أو الطلاق كحق للزوج لا غبار عليهما أبدا ، بل لعلهما بعض الضرورات اللازمة للطبيعة البشرية ، ولكن الخطأ الأكبر يجيء من سوء الاستعمال ، أما القول بمنعهما ففيه مخالفة لصريح القرآن ومخالفة لمصلحة الرجل والمرأة على السواء.
ماذا نفعل في رجل تزوج بامرأة لا تلد ، وهو غنى يريد الولد وعنده القدرة على كفاية اثنتين من النساء؟
ورجل عنده نهم على النساء ، ومن تحته امرأة عزوف عن الرجال أو بها مانع أو مرض فهل يزنى؟ فيضيع الدين والمال والصحة والشرف!! أم يتزوج بامرأة بشرط عدم الظلم في معاملة الاثنتين.
وماذا نعمل في الأمة عقب الحروب التي تبيد أكثر رجالها فتبقى النساء كثيرات مع قلة الرجال ، أمن الخير أن يتمتع بعض النساء وتبقى الأغلبية محرومة من عطف الرجل والعائل؟ وقد تضطرها الظروف إلى ارتكاب الإثم والفحش!!
إذا الخير في علاج المسألة بعلاج الدين ، فنحافظ على المرأة محافظة تامة ونعنى بها عناية كاملة في الحرب والسلم.
ولا يضر الدين إساءة المسلمين له في تنفيذ بعض رخصه ، فإنا نراهم لا يعدلون بين الأزواج ويتزوجون لمجرد الشهوة والانتقام لا لغرض شريف ، ويكفى الإسلام فخرا أن قال بالطلاق ونادى بتعدد الزوجات كثير من فلاسفة الغرب.
فالواجب على أولى الأمر أن يعالجوا الداء بما يحسمه مع تنفيذ روح الدين.
__________________
(١) سورة النساء آية ١٢٩.