ومهورهن ، وهنا شرط ذلك بشرطين : الخلو من السفه ، والاختبار ؛ حتى لا يضيعوا أموالهم.
المعنى :
نهى الله ـ سبحانه وتعالى ـ الأمة نهيا عاما ، يدخل فيه أولياء اليتامى والسفهاء دخولا من باب أولى .. نهاهم عن إعطاء السفهاء الذين لا يحسنون التصرف في أموالهم ، نهاهم عن إعطاء أموالهم لهم ، فإنهم يبددونها ، والدين حريص على حفظها لهم.
وإنما أضاف الأموال للأولياء وقال : (أموالكم) مع أنها أموال اليتامى والسفهاء للإشارة إلى أن الولي يجب عليه أن يحافظ على المال ، إذ لو ضاع لوجبت نفقة اليتيم عليه ، فكأن مال اليتيم ماله ، ولا يخفى عليك مبدأ التكافل في الأمة الواحدة ، وانظر إلى القرآن وقد وصف الأموال بأنها جعلت قوامكم في الحياة ، فبالمال تبنى الأمم صروح العمران وتقام دعائم الدنيا ، وفي هذا إشارة إلى أن المال والاقتصاد مما يرغب فيه الدين.
فعليكم ـ أيها الأولياء ـ أن تعطوا الأموال لأربابها بشرط ألا يكون سفيها لا يحسن التصرف ، وإلا بقي المال في أيديكم حتى يتم تمرينه على المحافظة على الأموال التي جعلها الله قوامكم في الحياة.
وارزقوهم منها ومن ثمرتها وكسبها لا من أصلها وذاتها ، والرزق يشمل وجوه الإنفاق جميعها من أكل وكسوة وتعليم وتمريض ، وخصت الكسوة بالذكر لأنها مظهر خارجى قد يتساهل فيه ، وقولوا لهم قولا لينا ليست فيه خشونة ، بل عاملوهم معاملة الأولاد بالعطف واللين ، وأشعروهم بالعزة والكرامة وأن ما ينفق عليهم من مالهم ، وسيأخذونه بعد البلوغ ، ويجب عليكم أن تختبروهم لتعرفوا مدى عقلهم وحسن تصريفهم للمال ، وقد أطلق القرآن الكريم الابتلاء حتى تتبينوا رشدهم وكمال تصريفهم ، لأن لكل زمن وبيئة نظاما ، فاختبار المتعلم غير اختبار العامي وهكذا.
وهذا الاختبار يكون عند البلوغ ، أى : بلوغ سن الزواج والاكتمال العقلي ، فإن تبينتم رشدهم فآتوهم أموالهم.