المفردات :
(السُّوءَ) : العمل القبيح الذي يسوء فاعله ، فيشمل الصغائر والكبائر.
(بِجَهالَةٍ) المراد بها : الجهل والسفه بارتكاب ما لا يليق بالعاقل ، لا عدم العلم ، وذلك يكون عند ثورة الشهوة أو الغضب ، وكل من عصى الله فهو جاهل.
(أَعْتَدْنا) : هيأنا وأعددنا.
المعنى :
إنما قبول التوبة والغفران واجب على الله لسابق وعده الكريم فقد (كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [سورة الأنعام آية ٥٤].
قبول التوبة متحقق للذين يعملون المعصية ويلمون بها ولم يصروا عليها ؛ لأنهم فعلوها بدافع الهوى والشيطان ، حتى إذا ما ثابوا لأنفسهم ورجعوا لعقولهم أدركوا خطأهم وأنبوا أنفسهم وتابوا إلى الله توبة نصوحا هؤلاء هم الذين يعملون السوء ، أى : المعصية الواحدة التي لم تكرر حتى تصير سيئات ـ كما في الصنف الثاني ـ في ثورة الجهل والسفه ، والغضب ، حتى إذا زالت تلك الحال تابوا من قريب ، أى : بعد وقوعها بسرعة ، فأولئك يتوب الله عليهم.
والله الذي أوجب قبول التوبة على نفسه عليم بخلقه إذ إن النفس الإنسانية قد تشذ ويغويها الشيطان فتقع في المعصية ، فلولا باب التوبة ليئس الناس وظلوا على حالهم ، وهو الحكيم في صنعه ـ سبحانه وتعالى ـ.
وليست توبة الذين يعملون السوء بعد السوء حتى تصير لهم سيئات وسيئات مقبولة عند الله ، وذلك أن المعصية تجعل في القلب نكتة سوداء. بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون من المعاصي ، هؤلاء لا تقبل توبتهم ، وكيف تقبل وهم يظلون على عملهم سادرين في غيهم؟ حتى إذا أدركهم الموت وساعته تابوا عند العجز عن المعصية والخوف من العقاب.