وحثهم جميعا على العمل بالإشارة في قوله (اكْتَسَبُوا) الذي يفيد المبالغة والتكلف في العمل والكسب.
وانظر إلى قوله تعالى : (بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ) إذ فيه إيجاز بديع ، فالآية تشمل كل تفضيل واقع بين الرجال والنساء وبين النساء والرجال ، أفرادا وجماعات.
وهذا التفضيل يشمل الخلقي ، ويشمل التفاضل فيما يدخل فيه العمل والاجتهاد كالعلم وتحصيل المال أو الجاه مثلا ، وهذا هو المقصود بالنهى في الآية. ومن السخف أن يتمنى الإنسان أن يكون قوى البنية أو صحيح الجسم أو ذكرا أو أنثى.
والخلاصة : إننا نهينا عن التمني مع الكسل والخمول ولا يتمنى هذا إلا ضعيف الهمة وضعيف الإيمان ، ولا شك أن هذا يجر إلى التعدي على الغير والحسد والحقد ... إلخ. وينبهنا الله بقوله : (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا) إلى الكسب والعمل. وفقنا الله إلى ما فيه الخير والسداد.
بعد أن نهى الله ـ سبحانه وتعالى ـ عن أكل أموال الناس بالباطل وعن تمنى ما للغير من مال أو جاه ، والمال هو المقصود ويأتى عن طريق الكسب وعن الإرث ، قال الله ـ تعالى ـ قطعا للأطماع ووضعا للأمور في نصابها : (ولكل) من الرجال والنساء (جعلنا موالي مما ترك) يحق لهم الاستيلاء على التركة وأخذها.
والمولى : هم (الوالدان والأقربون) والأزواج ، فآتوهم نصيبهم كاملا من غير نقصان ، واعلموا أن الله كان ولا يزال على كل شيء تفعلونه شهيدا فيجازيكم عليه يوم القيامة ، فلا يحملنكم الطمع وحسد بعضكم لبعض من جراء زيادة نصيبه في الميراث على أن يأكل من حق غيره سواء كان ذكرا أو أنثى صغيرا أو كبيرا.