المفردات :
(لا يَظْلِمُ) الظلم : النقص وتجاوز الحد. (مِثْقالَ) أصله : المقدار الذي له ثقل ، ثم أطلق على المعيار المخصوص للذهب. (ذَرَّةٍ) : أصغر ما يدرك من الأجسام ، وقيل : الجزء الذي لا يتجزأ ، وقيل : هي ما يرى في نور الشمس إذا دخلت من نافذة ، والذرة الآن لها اصطلاح علمي آخر.
المناسبة :
بعد الإرشادات السابقة من الأوامر والنواهي ، رغب ـ سبحانه ـ في الامتثال وحذر من المخالفة والعصيان بهذه الآيات.
المعنى :
الله ـ سبحانه وتعالى ـ متصف بكل كمال ، ومنزه عن كل نقص ، ومن النقص الظلم ، ومن الظلم أن ينقص أحدا من أجر عمله شيئا ولو بسيطا جدّا أو يعاقب أحدا مهما كان بغير ما يستحق (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً) (١). (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ. وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) (٢).
والله خلق الخلق ولهم عقول ومشاعر تدرك بعض الخير والشر ، وأرسل لهم رسلا وأنزل معهم كتبا لتمام هدايتهم مع المبالغة في التحذير والإنذار ، فمن اجترح سيئة بعد ذلك ، ووقع فيما يضره ويؤذيه كان هو الظالم لنفسه (وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) (٣).
ومن فضله وإحسانه أنه يضاعف الحسنة إلى عشرة ، ويجزى السيئة بمثلها فقط (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها) (٤) والله يضاعف بعد هذا لمن يشاء ، ويؤتى من لدنه أجرا عظيما فهو واسع الفضل كثير الخير.
وإذا كان هذا هو النظام العام في الثواب والعقاب ، فكيف حال هؤلاء الكفرة؟ إذا جاء يوم القيامة وشهد عليهم أنبياؤهم (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ) (٥) (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) (٦).
__________________
(١) سورة الأنبياء آية ٤٧.
(٢) سورة الزلزلة الآيتان ٧ و ٨.
(٣) سورة فصلت آية ٤٦.
(٤) سورة الأنعام آية ١٦٠.
(٥) سورة فاطر آية ٢٤.
(٦) سورة الإسراء آية ٦٥.