المفردات :
(يَزْعُمُونَ) الزعم في الأصل : القول حقا كان أو باطلا ، ثم كثر استعماله في الكذب. (صُدُوداً) : إعراضا عن قبول الحكم.
سبب النزول :
روى أن بشرا المنافق خاصم يهوديا فدعاه اليهودي إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ودعا المنافق إلى كعب بن الأشرف ، ثم إنهما احتكما إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقضى لليهودي فلم يرض المنافق بهذا الحكم ... إلخ ، ما جاء في رواية الزمخشري.
المعنى :
ألم ينته علمك إلى الذين يزعمون كذبا وبهتانا ، أنهم آمنوا بما أنزل إليك من القرآن ، وما أنزل من قبلك من الكتب. هؤلاء المنافقون من اليهود والنصارى يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت ، قيل : هو كعب بن الأشرف سمى طاغوتا لإفراطه في الطغيان وعداوة الرسول صلىاللهعليهوسلم والبعد عن الحق ، وقد أمروا في القرآن أن يكفروا بالطاغوت ويجتنبوه (وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) (١) (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى) (٢). هؤلاء الذين تدّعى ألسنتهم الإيمان بالله وما أنزله على رسوله ، وتدل أفعالهم على الكفر بهما والإيمان بالطاغوت وإيثار حكمه على حكم الشرع الشريف ، ويريد الشيطان ـ وما توسوس به نفوسهم ، وداعي الشر فيهم ـ أن يضلهم ضلالا بعيدا جدا عن الحق والصواب. وإذا قيل لهم : تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول فهو الصراط المستقيم : رأيت هؤلاء المنافقين يصدون عنك يا محمد وعن دعوتك صدودا مؤكدا بكل ما أوتوا من قوة وحجة ، والحامل لهم على ذلك هو اتباع شهواتهم ، فكيف يكون حال هؤلاء المنافقين إذا أصابتهم مصيبة افتضاحهم وظهور حالهم ، وانكشاف سترهم بما قدمته أيديهم ، كيف يكون حالهم؟
__________________
(١) سورة النحل آية ٣٦.
(٢) سورة البقرة آية ٢٥٦.