ابن عمتك : فتغير وجه النبي صلىاللهعليهوسلم وقال : اسق يا زبير ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر ثم أرسل الماء إلى جارك.
كان قد أشار على الزبير أولا برأى فيه سعة له ولخصمه فلما أحفظ رسول الله صلىاللهعليهوسلم استوعب للزبير حقه في صريح الحكم الأخير ... إلخ ، ما جاء في أبى السعود فنزلت آية (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ) وفيها يقسم الله ـ سبحانه وتعالى ـ بنفسه الكريمة المقدسة أنهم لا يؤمنون إيمانا كاملا حتى يحكموك في كل أمورهم وما يختلط عليهم من المشاكل ، فما حكمت به فهو الحق لا شك فيه ، ثم لا يجدون في أنفسهم حرجا ولا ضيقا من قضائك ويسلمون به تسليما.
وهكذا نحن ـ وربك ـ لا نؤمن بالله إيمانا كاملا حتى نحكّم الله ورسوله في كل أمورنا ومشاكلنا ، ثم نجد في أنفسنا ضيقا من حكم القرآن والسنة ، ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون الفاسقون الظالمون.
لو أن الله ـ سبحانه ـ فرض على الناس أن يقتلوا أنفسهم كما أمر بنى إسرائيل قديما تكفيرا لهم عن خطيئتهم في عبادة العجل ، أو فرضنا أن كتب عليهم أن اخرجوا من أوطانكم في سبيل الله ما امتثل المأمور به إلا نفر قليل منهم ، ... ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به من الأوامر والنواهي التي تظهر معها الحكم وتقرن بالوعد والوعيد ، لكان خيرا لهم وأحسن وأشد تثبيتا في الدين وأرسخ ، وإذا لآتاهم الله من عنده أجرا عظيما لا يعرف كنهه إلا هو ، ولهداهم صراطا مستقيما.
روى عن عائشة ـ رضى الله عنها ـ : جاء رجل إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : يا رسول الله إنك لأحب إلى من نفسي وإنك لأحب إلى من ولدي ، وإنى لأكون في البيت فأذكرك فما أصبر أن آتى فأنظر إليك ، وإذا ذكرت موتى وموتك عرفت أنك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين ، وإنى إذا دخلت الجنة حسبت ألا أراك ، فلم يرد عليه المصطفى صلىاللهعليهوسلم حتى نزل جبريل بهذه الآية ، وروى : من أحب قوما حشر معهم.
كيف لا ترضون بحكم الله ورسوله؟ ومن يطع الله فيما أمر ونهى والنبىّ صلىاللهعليهوسلم فيما بشر وأنذر ، وبلغ عن ربه ، فأولئك يحشرون يوم القيامة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، وكفاهم فخرا شهادة الله لهم أنهم من شدة المحبة وتمام الألفة وعدم الفرقة رفقاء ، وذلك الفضل من الله يؤتيه من يشاء ، وهو أعلم بمن اتقى!!