وعدم الهجرة مع رسول الله ، أتريدون أن تبدلوا سنة الله في الخلق؟ وأن تجعلوا الضال مهتديا والكافر مسلما ، لا يعقل هذا!! إنهم ينظرون إليكم نظرة الأعداء ويودون أن تكفروا مثلهم ، فتكونوا سواء ، ومن كان هذا حاله فلا يصح أن تختلفوا في شأنه ، بل أجمعوا على أنه منافق خارج عن حدود الإسلام. ولا تتخذوا منهم أولياء تعتمدون عليهم ، وتركنون إليهم ، حتى يهاجروا في سبيل الله هجرة خالصة لوجه الله ورسوله فإن تولى هؤلاء الموصوفون بما ذكر ، وأعرضوا عن الهجرة في سبيل الله ولزموا مواضعهم وأساليبهم السابقة وكانوا حربا عليكم فخذوهم إن قدرتم عليهم في أى مكان أو زمان واقتلوهم حيث وجدتموهم في الحل أو الحرم ، ولا تتخذوا منهم وليّا ولا نصيرا. وقد استثنى الله منهم طائفتين :
(أ) الذين يتصلون بقوم معاهدين بينكم وبينهم ميثاق وعهد بعدم الاعتداء فيلحقون بهم ، ويدخلون معهم في عهدهم.
(ب) الذين جاءوكم وقد ضاقت صدورهم بقتالكم وقتال قومهم المشركين وأعلنوا الحياد ، فهؤلاء اتبعوا فيهم أيضا قوله تعالى : (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ) [سورة البقرة آية ١٩٠] فهاتان الطائفتان لا يصح قتالهم.
واعلموا أن الله لو شاء لسلط هؤلاء وأولئك عليكم فانضموا إلى معسكر المشركين الذين يجاهرونكم بالعداوة والحروب ، لكنه ألقى في قلوبهم الرعب والخوف منكم ، فإن اعتزلوكم ولم يقاتلوكم بأى نوع من أنواع القتال وألقى المذكورون إليكم الاستسلام وزمام أمورهم فاعلموا أن الله لم يجعل لكم عليهم سبيلا تسلكونها للاعتداء عليهم.
وقال الرازي : إن النبي صلىاللهعليهوسلم وادع وقت خروجه إلى مكة هلال بن عامر السلمى على ألا يعينه ولا يعين عليه ، وعلى أن كل من وصل إلى هلال ولجأ إليه فله جواره.
ستجدون آخرين ، أى : فئة أخرى غير السابقة ، مردوا على النفاق ومرنوا عليه يريدون أن يأمنوا على أنفسهم وأموالهم.
حكى ابن جرير أنها نزلت في قوم هم بنو أسد وغطفان وقيل غيرهم ، كانوا يأتون النبي صلىاللهعليهوسلم بالمدينة ، فيسلمون رياء ونفاقا ثم يرجعون إلى قريش فيرتكسون في الأوثان