وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً (١٠٠)
المفردات :
(تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ) توفى الشيء : أخذه وافيا تامّا ، وتوفى الملائكة الناس : قبض أرواحهم حين الموت. (سَبِيلاً) طريقا يوصلهم. (مُراغَماً) الرغم : الذل والهوان. وأصله لصوق الأنف بالرغام ، أى : التراب ، والمراد : مكانا للهجرة ومأوى يصيب فيه الخير فيرغم بذلك أنوفهم. (وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ) أى : وجب ، ألا ترى إلى قوله تعالى : (وَجَبَتْ جُنُوبُها) أى : وقعت جنوبها على الأرض.
نزلت في قوم أسلموا بمكة ، وتركوا الهجرة ثم ماتوا. وقيل : ماتوا في غزوة بدر وكانوا يحاربون في صفوف الكفار على كره منهم فقتلوا.
المعنى :
لما اشتد إيذاء الكفار للمسلمين في أول الأمر وهاجر بعضهم إلى الحبشة ثم هاجر الرسول صلىاللهعليهوسلم إلى المدينة ، وولدت الدولة الإسلامية. في هذا الوقت كانت الهجرة واجبة وكان بعض المسلمين قد هاجر مع النبي صلىاللهعليهوسلم ولم يدخر وسعا في ذلك. وبعضهم قعد عنها حبّا في وطنه وإيثارا للدنيا وعرضها ، ومنهم من كان ضعيفا لا يقدر عليها لمرض أو كبر أو جهل بالطريق ، ومنهم من هاجر ومات في الطريق.
إن الذين قبضت أرواحهم الملائكة وهم في دار الشرك حالة كونهم ظالمي أنفسهم برضاهم الإقامة في دار الشرك وإيثارهم الدنيا وعرضها على نصرة الحق ، والهجرة مع رسول الله ، وبقبولهم الظلم والتضييق عليهم في عدم إقامتهم الشعائر الدينية. هؤلاء قالت لهم الملائكة توبيخا لهم وتأنيبا : في أى شيء كنتم من أمور دينكم؟ فإنهم تركوا الهجرة التي كانت طريق نصرة الإسلام في مهده وهم قادرون عليها قالوا معتذرين بغير