الصفرة. (لا ذَلُولٌ) : ليست مذللة بالعمل. (تُثِيرُ الْأَرْضَ) : تنشر الغبار وتهيجه ، والمراد : تحرث الأرض. (مُسَلَّمَةٌ) : سليمة من العيوب. (لا شِيَةَ فِيها) : لا لون غير لونها. (فَادَّارَأْتُمْ) : تدارأتم بمعنى : تخاصمتم وتدافعتم.
سبب النزول :
كان في بنى إسرائيل شيخ موسر وله ابن فقتله أبناء عمه ليرثوا أباه ، ثم جاءوا يطالبون بديته ودمه ، وتخاصموا في ذلك ، فأمرهم الله أن يذبحوا بقرة. ويضربوا القتيل ببعض أجزائها فيحيا ثم يخبر عن القاتل ، وقد ذبحت البقرة وضربوا القتيل فأحياه الله وأخبر عن القتلة وكانوا أبناء عمه. أفرأيتم ما تفعل اليهود قديما وحديثا؟!
المعنى :
واذكروا وقت قول موسى لقومه الذين هم أسلافكم : إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة ـ أى بقرة كانت ـ فلم يسرعوا إلى الامتثال ، ولكن شدّدوا فشدد الله عليهم ، وقالوا : أتهزأ بنا يا موسى؟ قال : معاذ الله أن أكون من الذين يهزئون في موضع الجد ، فلما رأوه جادّا قالوا : ادع لنا ربك يبين لنا ما سنها؟ فقال لهم. إنها بقرة ليست صغيرة ولا كبيرة ، بل وسط بين هذا وذاك فافعلوا ما تؤمرون به ، ولا تشددوا فيشدد الله عليكم ، ولكنهم اليهود قالوا : ادع لنا ما لونها : إنها صفراء شديدة الصفرة تجلب السرور لمن يشاهدها ، فلم يكتفوا بذلك ، بل طالبوا بأوصاف تميزها أكثر ، ولكنهم أحسوا بأنهم تشددوا وجاوزوا الحد المعقول فقالوا معتذرين : إن البقر كثير متشابه علينا ، وهذه الأوصاف السابقة تنطبق على كثير ، وإنا إن شاء الله لمهتدون إلى المطلوب.
فأجابهم الله أن البقرة المطلوبة لم يسبق لها عمل في حرث الأرض ولا سقيها ، سليمة من العيوب ليس فيها لون مخالف ، قالوا : الآن جئت بالبيان الواضح فطلبوها فلم يجدوها إلا عند يتيم صغير بارّ بأمه ، فساوموه ، فاشتط حتى اشتروها بملء جلدها ذهبا ، وما كان امتثالهم قريب الحصول.
واذكروا إذ قتلتم ـ والخطاب لليهود المعاصرين ، لأنهم أبناء السابقين ومعتزون بنسبهم وراضون عن فعلهم ـ واذكروا وقت قتل آبائكم نفسا حرم الله قتلها ، ثم تخاصموا وتجادلوا وأنكروا على الله فعلهم كما ينكرون اليوم ما عندهم من أوصاف النبي صلىاللهعليهوسلم والله مظهر ما تكتمونه.