المناسبة :
بعد أن حاج القرآن النصارى فأفحمهم. ومن قبل حاج اليهود فألزمهم ، وناقش المنافقين وكشف سترهم ، وظهرت نبوءة محمد صلىاللهعليهوسلم ظهور الشمس في رابعة النهار ، نادى الناس جميعا ودعاهم إلى اتباعه.
المعنى :
أيها الناس : قد جاءكم برهان واضح ، ونور ساطع ، يبين لكم حقيقة الإيمان بالله ، وهو رسول من أنفسكم ، عزيز عليه ما عنتم ، حريص عليكم ، بالمؤمنين رؤوف رحيم ، ذلك البرهان هو محمد صلىاللهعليهوسلم النبي العربي الأمى ، الذي نشأ في الجاهلية. لم يجلس إلى معلم ، ولم يؤدبه مؤدب ، ولم يتعلم في جامعة ولم يتخرج في معهد. ولم يعد إعدادا لتحمل أكبر رسالة في الوجود من إنسان!!
كان في شبابه الأمين الصادق ، وعند رجولته الكاملة كان الداعية إلى الله بأقوى أسلوب ، وأوضح بيان ، وقد كان المثل الأعلى في عمله ، وعلمه ، ورسالته ، وسياسته وقيادته ، وزعامته ، فحقا أدبه ربه فأحسن تأديبه ، نعم كان برهانا على صدق رسالته (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) [سورة الأنعام آية ١٢٤].
وأنزل الله إليكم مع هذا البرهان ، نورا مبينا هو القرآن الكريم ، ظهر في الوجود ، بعد ما عميت القلوب ، وغشيت الأبصار من الوثنية المشركة ، واليهودية الكاذبة ، والمسيحية الضالة ، ظهر في الكون فأنار الوجود ، وأضاء القلوب ، وأحيا النفوس. وأوضح الطريق لعبادة الله حق العبادة ، وكان محكم التنزيل ، كاملا في السياسة والاقتصاد ، والاجتماع والعمران والعلوم الكونية والإلهية والسياسة الحربية للأمم ، فحقا هو حبل الله المتين وهو النور المبين (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ. نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ. عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ. بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) [سورة الشعراء آية ١٩٢ ـ ١٩٥] .. فمن تأمل هذا البرهان القوى ، وذلك النور السماوي ، ظهر له أن محمدا صلىاللهعليهوسلم برهان من الله وحجة على أحقية هذا الدين ، وأن كتابه القرآن أنزله الله بعلمه وشهد له بصدقه.