فأين أنتم أيها اليهود؟ وأين علماؤكم الآن من الربانيين والأحبار السابقين؟ فهؤلاء يحافظون عليها ، وأنتم تحرفون وتكتمون!!
وإذا كان الأمر كذلك فلا تخشوا الناس أيها الأحبار المعاصرون فتكتموا الحق ، من صفة النبي والبشارة بها ، طمعا في الدنيا وعرضها الزائل ، واخشوا الله ربكم واقتدوا بالصالحين السابقين من أمتكم ، واحفظوا التوراة ، وإياكم والتحريف ، روى عن الحسن : أخذ الله على الحكام ألا يتبعوا الهوى ، وألا يخشوا الناس ، وألا يشتروا بآياته ثمنا قليلا ، ولا تشتروا بآياتنا ثمنا قليلا ، ومنفعة حقيرة تأخذونها ، من رشوة أو جاه أو رئاسة كاذبة! وكيف تستبدلون الثمن القليل والعرض الزائل بالآيات البينات التي استحفظتم عليها وكنتم عليها شهودا؟!!
واعلموا أن من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون وقد حكم اليهود في الزاني المحصن بالجلد وتركوا الرجم ، وفي القتل بالتفريق بين بنى قريظة والنضير وتركوا العدل والقصاص.
والله في التوراة قد سوى بين الجميع لا فرق بين أمير وخفير ، ولا بين شريف ووضيع.
ومن لم يحكم بما أنزل الله مستحلا له ، منكرا بالقلب حكم الله ، وجاحدا باللسان فهو من الكافرين ، ومن لم يحكم وهو معتقد أنه مخطئ ومذنب فهو خارج عن الدين ومؤاخذ على شهادته ورضائه الحكم بغير حكم الله ، وتقصيره في طلب تحكيم ما أنزل وهذا حكم عام في كل من يترك كتاب الله والحكم به.
إنا أنزلنا التوراة ، وفرضنا عليهم فيها أن النفس تقتل بالنفس والعين بالعين ، والسن بالسن وهكذا بقية الأعضاء بالقياس ، وكذا الجروح على تفصيل فيها وبيان لحدها بالضبط. فيها القصاص ، وهذا الحكم في القتل أو التعدي العمد ، أما الخطأ ففيه الدية ، وأن تصدقوا خيرا لكم (فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ) يكفر الله بها ذنوبه ويعفو عنه (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) [البقرة ٢٣٧] روى عبادة بن الصامت عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «من تصدق من جسده بشيء كفر الله تعالى عنه بقدره من ذنوبه».
ومن لم يحكم بما أنزل الله ، ويعرض عما شرعه الله من القصاص والعدل والتساوي بين الأفراد فهو من الظالمين الذين يغمطون الناس حقوقهم المشروعة.