موالاة موالي. فقال الرسول صلىاللهعليهوسلم لعبد الله بن أبى : «يا أبا الحباب : أرأيت الذي نفست به من ولاء يهود على عبادة ، فهو لك دونه» قال : إذن أقبل ، فنزلت هذه الآية.
المعنى :
يا من اتصفتم بهذا الوصف وهو الإيمان بالله ورسوله ، سواء كان هذا باللسان فقط ولا إخلاص معه. أو كان إيمانا صادقا ومعه الإخلاص. لا يليق بكم أن تفعلوا ما نهاكم الله عنه من اتخاذ اليهود والنصارى أولياء تلقون إليهم بالمودة ، وتسرون إليهم بما أخفيتم وما أعلنتم ، وتتحابون إليهم وتصادقونهم ، إذ بعض اليهود أولياء بعض ، وبعض النصارى أولياء بعض ، والكل متفق على كلمة واحدة هي بغضكم بغضا شديدا.
ومن يتولهم منكم فإنه منهم ، أى : من جملتهم ، وحكمه حكمهم. وهذا تشديد على المنافقين الذين يتخذون صداقات ، ويربطون صلات باليهود والنصارى وأعداء الدين. إن الله لا يهدى الظالمين أنفسهم بموالاة الكفار أيا كان السبب.
فترى يا محمد وكذا كل من تصح منه الرؤية. ترى الذين في قلوبهم مرض : الشك والنفاق كعبد الله بن أبى وأضرابه ، يسارعون في موالاتهم ، ويرغبون فيها رغبة أكيدة خاصة للشيطان ، وانظر إلى تعبير القرآن (يسارعون فيهم) بدل (يسرعون إلى موالاتهم) للإشارة إلى أنهم منتقلون من بعض مراتبها إلى بعض فهم مستقرون فيها. يقولون متعللين : نخشى أن تصيبنا دائرة تدور علينا من دوائر الدهر. ودولة من دولة ، بأن ينقلب الأمر للكفار واليهود وتدول الدولة على المسلمين فنحتاج إليهم فلا يسعفوننا بالميرة والطعام ـ أرأيت كيف لا يثق المنافقون بوعد الله؟ وأن حزب الله هم المفلحون.
وعسى الله أن يأتى بالفتح ، و (عسى) في القرآن وعد محتوم ؛ فإن الكريم متى أطمع أطعم ، وإذا وعد حقق ، فما ظنك بأكرم الأكرمين؟ وهو على كل شيء قدير. والمراد بالفتح : فتح مكة ، أو فتح من عنده شامل لتأسيس الدولة ، وانتظام شؤونها