فقلت : أيها الناس : من ينصرني على أن أبلغ رسالات ربي ولكم الجنة؟ أيها الناس لا إله إلا الله وأنا رسول الله إليكم تفلحوا وتنجوا ولكم الجنة. قال صلىاللهعليهوسلم : «فما بقي رجل ولا امرأة ولا صبي إلا يرمون علىّ بالتراب والحجارة ويقولون : كذاب صابئ» فجاء عمه العباس فأنقذه منهم وطردهم عنه.
المعنى :
نادى الله ـ سبحانه وتعالى ـ حبيبه بوصف الرسول ، التي تقتضي التبليغ التام الكامل ، أيها الرسول : بلغ جميع ما أنزل إليك من ربك ولا تخش أحدا ، ولا يهمك شيء أبدا ، فإنك إن لم تبلغ الكل فما بلغت رسالته ، فكأن كتمان شيء من الرسالة ، ولو إلى أجل هو كتمان للكل تفظيعا لجرم الكتمان ، وكيف يكتم الرسول صلىاللهعليهوسلم شيئا من الرسالة خوفا أو خشية؟ والله يعصمك من الناس أجمعين. ويعصمك من القتل والفناء ، أما العذاب والشدائد والآلام والحروب والإحن فهي الحوادث التي تخلق الرجال ، والبوتقة التي صهرت الناس فظهر المؤمن الصادق من المنافق الكاذب ، كما بينا ذلك في العزوات.
وكيف يكون رسول الله والله لا يعصمه؟ وهو المعصوم من كل سوء!!
انظر كيف يضل المسيحيون حين يعتقدون صلب المسيح وقتله؟ ولعل الحكمة في هذه الآية ، أن يعرف الجميع أن النبي صلىاللهعليهوسلم رسول رب العالمين ، بلغ جميع ما أنزل إليه من ربه لم يكتم شيئا ، ولم يخص أحدا بشيء (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) [سورة الأنعام آية ١٥٣] إن الله لا يهدى القوم الكافرين الذين يؤذونك ويعاندوك.
قل لهم : يا أهل الكتاب من اليهود والنصارى لستم على شيء يعتد به من أمر الدين ، ولا ينفعكم الانتساب إلى موسى وعيسى والنبيين حتى تقيموا التوراة والإنجيل ، وإقامتها العمل بكل ما فيها من التوحيد الخالص والبشارة بالنبي صلىاللهعليهوسلم وصفته ، وحتى تقيموا ما أنزل إليكم من ربكم على لسان محمد صلىاللهعليهوسلم وهو القرآن المصدق لما تقدمه من الكتب والمكمل للرسالات السابقة ، ونحن أيها المسلمون لسنا على شيء أبدا حتى نقيم القرآن ونعمل بأحكامه. ونهتدي بهديه في كل أمورنا.