المعنى :
لا يزال الكلام في أهل الكتاب وتعداد سوءاتهم وقبائحهم وخاصة اليهود.
تالله لقد أخذنا العهد الموثق على بنى إسرائيل ليؤمنن بالله ورسله ولا يكتمونه أبدا ، وأرسلنا إليهم رسلا ، يؤكدون هذا العهد ، ويحددون هذا الميثاق ، حتى يكونوا على ذكر منه أبدا ولكنهم اليهود ، كلما جاءهم رسول من عند الله بما لا تهواه أنفسهم لأنهم لا يهوون إلا الشر ، ناصبوه العداء ، وساموه سوء العذاب ، وكأن سائلا سأل وقال : ماذا كانوا يفعلون؟ فأجيب : فريقا منهم كذبوا وفريقا منهم كانوا يقتلون الأنبياء من غير ذنب ولا جريرة إلا أنهم كانوا يقولون : ربنا الله ..
لعنهم الله!! قد ظنوا ظنا يكاد يكون كاليقين أنهم لا تكون لهم فتنة أبدا ، ولا يختبرون بالشدائد أصلا ، وكيف يكون هذا وهم (كما يعتقدون) أبناء الله وأحباؤه وهم من نسل الرسل الكرام فلا يعذبون بذنوبهم أبدا.
فعموا لهذا وصموا عن آيات الله التي أنزلها في كتبه وعموا عما يحصل لهم من الإنذارات والشدائد فلم يتعظوا بشيء أبدا ، وصموا عن سماع القوارع من الحجج والآيات البينات.
ثم تابوا بعد عبادتهم العجل وقبل الله توبتهم ، ثم عموا وصموا مرة ثانية حيث طلبوا رؤية الله وقتلوا الأنبياء كزكريا ويحيى وحاولوا قتل عيسى ابن مريم وخالفوا أوامر الله ورسله.
وقوله تعالى : (كَثِيرٌ مِنْهُمْ) يفيد أن أكثرهم العصاة وأقلهم المؤمنون الصالحون.
وأما نحن ـ أيها المسلمون ـ حذار حذار من ادعائنا وغرورنا بدون العمل ، حذار حذار ألا نلتفت إلى التنبيهات والقوارع التي تصيبنا ، حذار من أن ينطبق علينا هذا الكلام!!