سبب النزول :
اختار ابن جرير أن هذه الآيات نزلت في قوم من النصارى ، صفتهم كما ذكر القرآن ، أما كونهم من الحبشة أو من نجران ، وكون عددهم كذا أو كذا فالله ورسوله أعلم بذلك ، والغرض المهم ما تشير إليه الآيات.
المناسبة :
بعد أن تعرض القرآن الكريم لليهود وأعمالهم ، وللنصارى وعقائدهم ، ذكر هنا أحوالهم في عداوتهم ومحبتهم للمؤمنين ، وتعرض للمشركين كذا بالتبع.
المعنى :
تالله لتجدن أشد الناس عداوة للمؤمنين اليهود ، وما ذلك إلا أنهم أهل عناد وجحود ، وغمط للحقوق يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله ، خاصة أهل العلم ورجال الدين ، ولذا نراهم قتلوا الأنبياء بغير حق ، وقتلوا الذين يأمرون بالقسط من الناس ، ووقفوا مع النبي صلىاللهعليهوسلم مواقفهم المشهورة. فقد هموا بقتله ، وحاولوا ذلك مرارا فسمّوه ، وسحروه ، وألّبوا عليه القبائل ، وكانوا مصدر النفاق والشغب ، هذا شأنهم دائما ، فهم أهل مكر وخيانة ، غلبت عليهم الأنانية وحب المادة ، ولؤم الطبع وسوء الصنع ، ويقاربهم في هذا أهل الشرك وعبّاد الأوثان ، فهم مشتركون معهم في أخص الصفات وإن فاقهم اليهود. وأشد ما لاقى النبي صلىاللهعليهوسلم من العداوة والإيذاء كان من يهود الحجاز في المدينة وما حولها ، ومن مشركي العرب ولا سيما أهل مكة وما قرب منها.
والتاريخ قديما وحديثا ملئ بالشواهد على ذلك ، وإن مالأ اليهود المسلمين في بعض الظروف فلأمور سياسية عارضة دفعهم إليها حب المادة وعدل المسلمين.
ولتجدن ـ أيها الرسول ـ أقرب الناس مودة وأكثرهم محبة للذين آمنوا بك وصدقوك ، الذين قالوا : إنا نصارى وهم أتباع المسيح عيسى ابن مريم رسول الله ، لما