الحلال الطيب بلا إسراف ولا تقتير ، وكانوا يستطيبون الخمر والميسر ناسب أن يتعرض القرآن لبيان حقيقتهما.
روى أن عمر كان يدعو الله تعالى قائلا : اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا ، فلما نزلت آية البقرة ظل على دعائه ، ولما نزلت آية النساء ظل كذلك على دعائه ، فلما نزلت آية المائدة ، وسمع قوله تعالى : (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) قال : انتهينا! وكانت هذه الآية هي الفاصلة القاضية.
روى أن عمر قال حين سمع (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ) الآية : أقرنت بالميسر والأنصاب والأزلام؟ بعدا لك وسحقا!!! وتركها الناس وأراقوها في الطرقات.
وروى عن ابن عباس قال : إنما نزل تحريم الخمر في قبيلتين من قبائل الأنصار شربوا ، وثملوا ، واعتدى بعضهم على بعض ، فلما صحوا جعل يرى الرجل منهم الأثر بوجهه ولحيته ، فيقول : صنع بي أخى فلان هذا ، ولو كان رءوفا بي ورحيما ما صنع هذا!!! وقد وقعت بينهم ضغائن فأنزل الله هذه الآية (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ) فقال ناس : هي رجس وهي في بطن فلان كحمزة مثلا وقد قتل يوم أحد ، وفي بطن فلان وقد قتل يوم بدر ، فأنزل الله (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ) الآية.
ولعلك تسأل ما الحكمة من تحريم الخمر تدريجياّ؟؟ وما علمت أنها الحكمة العالية والدواء الناجع لهذا الداء المتأصل ، الذي أدمنت العرب على شربه ، فلو حرمت الخمر دفعة واحدة لكان ذلك أدعى لتنفير الناس من الدين كله.
المعنى :
يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله : اعلموا أن هذا الوصف يوجب عليكم الامتثال لأمر الله والتزام حدود الشرع ، واعلموا أنما الخمر وهي : ما خامر العقل ، أى : ستره فأسكره رجس من عمل الشيطان وصنعه ، وهو عدوكم اللدود ، الذي لا يعمل إلا للشر ولا يزيّن إلا للهلاك!!!
ولقد خطب عمر بن الخطاب يوما على منبر الرسول صلىاللهعليهوسلم فقال : «قد نزل تحريم