الله عن المؤمنين أوزارهم ، وأمر بأن يكملوا أنفسهم بالعمل الطيب ، ولا عليهم شيء بعد هذا.
المعنى :
يا أيها المؤمنون عليكم أنفسكم ، كملوها بالعلم والعمل وأصلحوها بالقرآن والسنن وانظروا فيما يقربها إلى الله حتى تكون في رفقة الأنبياء الشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ، وبعد هذا لا يضركم من ضل إذا اهتديتم.
نعم لا يضركم شيء إذا قمتم بما عليكم من واجبات وأمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكرات ، فالله يقول : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) (١) ثم إلى الله وحده المرجع والمآب وسيجازى كلا على عمله ، إن خيرا فخير ، وإن شرّا فشر.
روى ابن كثير أن أبا بكر خطب في الناس فقال : «أيها الناس إنكم تقرءون وهذه الآية (عليكم أنفسكم ... الآية) وإنكم تضعونها في غير موضعها وإنى سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : إن الناس إذا رأوا المنكر ولم يغيروه يوشك أن يعمهم الله بعقاب»
وفي حديث أبى ثعلبة الخشني قال : «لقد سألت عنها خبيرا (أى : هذه الآية) سألت عنها رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر ، حتى إذا رأيت شحّا مطاعا ، وهوى متبعا ، ودنيا مؤثرة ، وإعجاب كل ذي رأى برأيه فعليك بخاصة نفسك ودع عنك العوام فإن من ورائك أياما ، الصابر فيهن مثل القابض على الجمر ، للعامل فيهن أجر خمسين رجلا يعملون كعملكم».
وفي رواية لابن عمر : إن هذه الآية تأويلها في غير زمن النبوة بل في القرون الآتية بعد ، وعن سعيد بن المسيب : إذا أمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر فلا يضركم من ضل إذا اهتديتم.
والخلاصة أن السلف متفقون على أن المسلم يكمل نفسه بالعمل الصالح ، ويكمل غيره بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، وأن هذا فرض لا يسقط إلا إذا اضمحل الزمان ، وفسد الناس فسادا يؤدى إلى إيذاء الواعظ إيذاء يهلكه.
والرأى ـ والله أعلم ـ أن الله يخاطب الجماعة في مقام الأمر بالمعروف والنهى عن
__________________
(١) سورة الزمر آية ٧.