المعنى :
يا أيها الذين آمنوا اعلموا أن الله ـ تعالى ـ أخبر أن حكمه في الشهادة على الموصى إذا حضرته مقدمات الموت ، وأصابته مصيبته وهو في سفر فأوصى إلى اثنين عدول في ظنكم فإن لم يكونا فآخران من غيركم ، أى : من الكفار للضرورة أو من غير عشيرتكم وقرابتكم ، أى : من المسلمين الأجانب فأوصيتم إلى اثنين منهما ، ودفعتم إليهما المال وذهبا إلى ورثتكم فارتابوا في أمرهما ، وادعوا عليهما خيانة ، فإن كانا أمينين وصدقوهما بلا يمين فلا شيء.
أما في حالة الشك فالحكم أن تحبسوهما ، وتستوثقوا منهما حتى الفراغ من صلاة العصر كما فعل النبي صلىاللهعليهوسلم مع تميم وزميله ، ولأن هذا وقت القضاء والفضل في الدعاوى ، وانظر إلى اختيار الزمان والمكان وصيغة القسم ونظامه ، فيقسمان بالله أنهما ما كذبا وما بدلا ، وأن ما شهدا به هو الحق وما كتما من شهادتهما ولا غيّرا ، ويقسمان إنا لا نشتري بيمين الله ثمنا حقيرا من متاع الدنيا الفاني. ولو كان المقسم له من أقاربنا.
إنا إذا كتمنا أو غيرنا وبدلنا لنكونن من الآثمين المستحقين عقاب الله في الدنيا والآخرة.
فإن عثر على أنهما استحقا إثما بكذبهما وخيانتهما بعد ذلك كما حصل في قصة بديل السابقة ، فالواجب حينئذ أن ترد اليمين إلى الورثة بأن يقوم رجلان آخران مقامهما من أولياء الميت الوارثين له الأقربين منه الأحقين بالإرث ، فيقسمان بالله لشهادتنا ويميننا أحق وأصدق من أيمان اللذين حضرا الوصية ، وأنهما ما اعتديا عليهما بتهمة باطلة ، إنا إذا حصل منا شيء من هذا ، وتعدينا الحق وجاوزناه ، فحلفنا مبطلين كاذبين لنكونن من الظالمين لأنفسنا بتعريضها لسخط الله وعقابه.
ذلك الذي شرعناه من هذا النظم جميعا أدنى الطرق وأقربها إلى أن يؤدى الشهداء الشهادة على وجهها بلا تحريف ولا تبديل ، وأن يخافوا من الفضيحة التي تعقب استحقاق الإثم برد أيمان الورثة بعد أيمانهم فإنها تكون مبطلة لأيمانهم فالواجب أن يخافوا من عقاب الله أو من رد الأيمان والفضيحة.