يعرفون موقفه من الله ـ سبحانه وتعالى ـ فيرجعوا عن عقائدهم الفاسدة ؛ وكل الأمم طعنوا في نبوة أنبيائهم ، أما هؤلاء فتعدى طعنهم إلى الله ـ سبحانه وتعالى ـ حيث نسبوا له الزوجة والولد.
وقد غالوا في المسيح حتى رفعوه عن درجة الأنبياء بسبب سوء فعلهم في معجزاته.
المعنى :
واذكر يا محمد وقت قول الله : يا عيسى ابن مريم : اذكر نعمتي عليك حيث اصطفيتك بالرسالة ، وشرفتك بالنبوة ، وكنت من غير أب ، فكنت آية على قدرة الله ، واذكر نعمتي على والدتك النقية الطاهرة ، مريم البتول التي برأتها مما نسب إليها ، وشرفتها بنسبة عيسى لها.
اذكر يا عيسى ابن مريم نعم الله عليك إذ أيدك بروح القدس جبريل ، علمك وثبتك ، ولقنك الحجة بأمر الله وإذنه ، وأيديك بروح طاهرة قوية ، فصرت بهذا تكلم الناس صبيًّا في المهد ، وتكلمهم كبيرا مكتمل القوى العقلية والرجولة الكاملة ، تدعو الله وتبرئ أمك فكنت مؤيدا في كل وقت (فَأَشارَتْ إِلَيْهِ قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا* قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا* وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ) [سورة مريم الآيات ٢٩ ـ ٣١].
واذكر نعمتي عليك إذا علمتك قراءة الكتاب ، وعلمتك الحكمة والعلم النافع في الدنيا والآخرة. خاصة التوراة والإنجيل.
واذكر نعمتي عليك إذ تخلق من الطين صورة كصورة الطير فتنفخ فيها فتكون طيرا له روح وحركة ، بإذن الله وإرادته ، لا بقدرتك أنت ، ولكنها المعجزة جرت على يدك بأمر الله ، شأنك في هذا شأن جميع الرسل ، وإذ تبرئ الأكمه والأبرص بإذن الله ، وإذ تخرج الموتى من قبورهم فيحيون بأمر الله وإذنه.
فهذا عيسى وهذه معجزاته كلها بأمر الله وإذنه وفي الإنجيل يقول عيسى : «أيها الأب أشكرك لأنك سمعت لي وأنا أعلم أنك في كل حين تسمع لي ولكن لأجل هذا الجمع الواقف قلت ، ليؤمنوا أنك أرسلتنى».