وقد سبقت رحمته غضبه وزادت عليه فهو يجازى الحسنة بعشر أمثالها وقد تضاعف أضعافا لمن يشاء ، والسيئة بمثلها فقط (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها) [سورة الأنعام آية ١٦٠].
وأخص هؤلاء الذين خسروا أنفسهم ممن يجتمعون ليوم القيامة ، وهم من فسدت فطرتهم ، وساءت نفوسهم فلم يهتدوا بنور الدين ، وحرموا أنفسهم من النظر والتفكير في هذا الكون وآياته. بعين العقل والحكمة ، وإنما أعماهم التقليد وسوء الرأى وحمى العصبية وداء الحسد عن النظر الصحيح والفهم السليم ، ولم تكن لهم عزيمة صادقة وإرادة حازمة ، تجعلهم يتركون ما كان عليه الآباء إلى ما وافق العلم والعقل والرأى ، نعم هؤلاء الذين خسروا أنفسهم ، فهم لا يؤمنون أبدا بالبعث والثواب والعقاب.
لله ما في السموات وما في الأرض ، وله ما سكن في الليل والنهار ولم يتحرك ، وله ما تحرك ولم يسكن ، فهو المتصرف تصرفا كاملا في كل شيء خاصة ما سكن وخفى في الليل ومن باب أولى ما تحرك وظهر في النهار.
فأنت معى أن القرآن الكريم تعرض لجميع الأمكنة في السموات والأرض ولكل الأزمنة في الليل والنهار وهذه إشارة إلى كما إحاطته وتمام تصرفه ، وهو السميع لكل قول ودعاء العليم بكل فعل ونية.
وهذا يقتضى عدم اتخاذ الأولياء من دون الله.
قل لهم يا محمد : أغير الله أتخذ وليّا ينصرني؟ أو يدفع ضررا عنى ، أو يجلب خيرا لي؟ والاستفهام لإنكار اتخاذ غير الله وليّا من الأصنام والشفعاء ، أما اتخاذ الأصحاب والأصدقاء من المؤمنين فلا شيء ما دام في حدود كسبه وتصرفه الذي منحه الله لبنى جنسه.
قل لهم : أفغير الله تأمرونى أعبد أيها الجاهلون؟ أغير الله فاطر السموات والأرض ومبدعهما لا على مثال سابق ، أغير الله أتخذه وليّا يلي أمورى؟ فإن من فطر السماء والأرض وأبدعهما من غير تأثير ولا شفيع يجب أن يخص بالعبادة وحده (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) والله ـ سبحانه وتعالى ـ يطعم ويرزق الناس وليس في حاجة إلى أحد (ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ) [الذاريات ٥٧] وفي هذا تعريض بمن يتخذون من