فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (٧٣)
المفردات :
(أَعْقابِنا) : جمع عقب ، وهو مؤخر الرجل ، ويقول العرب فيمن أحجم بعد إقدام : رجع على عقبيه ونكص ، وارتد على عقبه ورجع القهقرى ، ثم صار يطلق على كل تحول مذموم. (اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ) : ذهبت بعقله وهواه ، وكانت العرب تزعم أن الجنون من تأثير الجن. (حَيْرانَ) : تائها ضالا عن الجادة لا يدرى ما يصنع. (الصُّورِ) : القرن ، وهو كالبوق ينفخ فيه فيصعق من في السموات والأرض ، ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون!
المعنى :
قل لهم يا محمد : أتدعو من دون الله ما لا ينفعنا إذا دعوناه ، ولا يضرنا إذا تركناه ، وكيف نرد على أعقابنا ، ونترك ديننا بعد إذ أسلمنا لله ربنا؟! أنعود إلى الكفر والشرك والضلال بعد الإسلام والهدى والنور؟ أنعود إلى ملة الكفر بعد إذ هدانا الله ، ووفقنا إلى صراط مستقيم صراط الله العزيز الحكيم! إن هذا لشيء عجيب.
إننا إذا فعلنا ذلك كنا كالذي استهوته الشياطين وذهبت بعقله ، وأطارت صوابه ولبّه ، وأصبح حيران تائها لا يدرى كيف يسير ، والحال أن له أصحابا يدعونه إلى الطريق الحق ويقولون له : ائتنا ، ولكن أين هو منهم؟ فقد ختم على قلبه وجعل على بصره غشاوة ، فمن يهديه من بعد الله؟
نعم ، من يرتد مشركا والعياذ بالله بعد إيمانه كمن أصبح هائما على وجهه ، لا يلوى على شيء تاركا رفاقه على الطريق الحق وهم ينادونه : الهدى والفلاح والخير والرشاد والطريق الحق هنا. عد إلينا فلا يستجيب لهم لانغماسه فيما يضره ولا ينفعه ، وفيما ظن أنه خير والواقع أنه شر.